المدينة المنورة … والحصار الأخير
تاريخ الحملة الصليبية ودولها الوظيفية في المنطقة العربية...

نظرات في السيرة النبوية
جميع حلقات نظرات في السيرة النبوية في صفحة واحدة ...

رأي الأسبوع
العالم الإسلامي بين المشروعين التركي والإيراني

 

 

العالم الإسلامي

بين المشروعين

التركي والإيراني

 

بقلم: أ.د. حاكم المطيري

٩/ ٧/ ١٤٤٦هـ

٩/ ١/ ٢٠٢٥م

 

ما ذكره الأستاذ جمال سلطان في المقارنة بين المشروعين التركي والإيراني مقارنة صحيحة وتوصيف دقيق، حيث قال: (الفرق هائل، أخلاقيا وإنسانيا وسياسيا ونهضويا، بين المشروعين: التركي والإيراني في الشرق، فالمشروع الإيراني مشروع اختراق وهيمنة وسيطرة وإملاء للقرارات والتوسع الطائفي باحتفالاته وأعلامه ومظاهره الدينية الصاخبة، وهو مصحوب دائما بالتخريب والتدمير والتمزيق الاجتماعي والفساد والتفتيت للدول واهتراء مقومات الحياة المدنية، كما هو حادث في العراق ولبنان وسوريا واليمن، المشروع التركي عكس ذلك، مشروع تشاركي تصالحي وغير طائفي، تمدده أساسا في المحيط السني، قاعدته اقتصادية وتنموية بالأساس "الكل رابح"، يحقق مصالحه ويعزز أمنه القومي كصيغة مشاركة وتعاون وتبادل وندية مع الدول الصديقة ومصالحها وأمنها القومي، كما هو الحال في ليبيا وقطر والجزائر وسوريا والصومال وأذربيجان والبوسنة وألبانيا، وتمدد تركيا غير طائفي لأنه في محيط سني ـ باستثناء أذربيجان "التركية" ـ كما أن المشروع التركي دائما يكون مصحوبا بالإعمار والتحديث وتطوير البنية الأساسية من طرق ومستشفيات وكهرباء ومدارس ومطارات والرخاء لشعوب البلد الذي يوثق صداقته مع تركيا، وأي مكان دخلته تركيا لا تخطئ عينك رؤية كل مقومات جودة الحياة فيه، فمحاولة المساواة بين المشروعين : الإيراني والتركي، هو تبسيط مخل جدا، وظالم جدا، ولا يخلو من سوء تقدير أو سوء نوايا)، ولذلك أسباب عقائدية تنعكس على سلوك كل منهما تجاه الأمة وشعوبها، فالممارسات السياسية للدول هي تعبير عن العقائد والأفكار التي تقوم عليها، وتؤمن بها، وتسود فيها.

فإيران الملالي اليوم وولاية الفقيه هي وريثة الدولة الصفوية ومشروعها الطائفي، وهي امتداد للفرق الباطنية التي ظلت عبر تاريخها الدموي حركات ثأرية من الأمة وارتدادا عليها -منذ اغتيالها الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب ثم الخليفة الراشد الثالث عثمان رضي عنهما- فلا تقوم لهذه الفرق الهدامة دولة إلا وتبدأ بالقتال الداخلي والحروب الأهلية مع الأكثرية السنية بدعوى الثأر لأهل البيت! وهو ما سجله المؤرخون المسلمون لتاريخ دولها كلها والحروب الدموية التي خاضتها والانحياز للحملات الخارجية سواء الصليبية النصرانية أو المغولية الوثنية، وهي أبرز مظاهر تاريخها السياسي ابتداء من الحركة القرمطية في الخليج العربي والمشرق، والحركة العبيدية في المغرب ثم مصر تحت شعار الفاطمية، إلى الدولة الصفوية، ثم الدولة الخمينية المعاصرة، فتكاد تكون كل حروبها داخلية مع الأمة وشعوبها لمصلحة الطائفة على حساب الأمة، فهي دول طائفية ثأرية دموية تجاه الأمة!

بينما تركيا وريثة السلطنة السلجوقية والخلافة العباسية ثم العثمانية والتي بطبيعتها -أي الخلافة- ومفهومها وروحها حركة توحيد داخلي للأمة وشعوبها وحركة فتح وامتداد خارجي لنشر الإسلام في أوربا، فهي مشروع أمة لا مشروع طائفة.

ولا يمكن فهم تاريخ الإسلام السياسي خارج إطار الخلافة عبر عصورها منذ الخلافة الراشدة حتى الخلافة العثمانية حيث عبرت عن وحدة الأمة ورسالتها وحضارتها ودينها.

 ولهذا كانت الأمة وشعوبها حين تواجه خطر الانهيار الداخلي والعدوان الخارجي؛ كانت ترى في الأتراك قوة حماية لوجودها السياسي منذ عصر الخليفة المعتصم العباسي، ثم السلطان طغرل بك، حتى السلطان سليم الأول، ثم مراد الرابع.

 وهو ما بدا بجلاء ووضوح في المشروع الإيراني الذي خاض حربه الأولى مع العراق مدة ثمان سنوات ذهب ضحيتها مليون مسلم عراقي وإيراني، ثم انحاز للمحتل الأمريكي في غزو أفغانستان والعراق، والمحتل الروسي في غزو الشام والذي ذهب ضحيته ملايين المسلمين السنة، فكان مشروعها قوة احتلال للمنطقة وتدمير!

بينما عادت تركيا بروحها الإسلامية من جديد كقوة حماية للعالم الإسلامي وتوحيد وتحرير!