القاديانية الخليجية
والأئمة المضلون
(١٠ - ١١)
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
١٥ / ٥/ ١٤٤٧هـ
٦ / ١١ / ٢٠٢٥م
اتخذت "القاديانية الهندية" رئيسها ميرزا غلام إماما واجب الطاعة،
واعتقدت فيه ما ادعاه هو لنفسه أنه المهدي، وأوجبوا اتباعه فحرفوا وبدلوا وضلوا وأضلوا،
فتجاوزتهم "القاديانية الخليجية" فجعلت كل رئيس بلد إماما شرعيا، توجب طاعته
على شعبه وجوبا دينيا، وإن كان رئيسا علمانيا لا دينيا، وأوجبوا طاعة جميع الرؤساء
على الأمة وشعوبها، ولم يعد هناك أي قيد لهذه الطاعة حتى قوله ﷺ: (إلا أن تروا كفروا بواحا)!
وبلغ الغلو بهم أن صرح أحد دعاتهم بأنه يجب السمع لهم، وأن معنى السمع
هو وجوب سماع قولهم، وتصديقهم فيما يقولون، فمن لم يصدقهم، وصدق غيرهم فقد ترك الواجب!
مع أن النبي ﷺ قال في أمراء المسلمين -دع الطغاة المجرمين- الذين يظلمون ويخالفون سنته
ﷺ: (فمن دخل عليهم، وصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم؛ فليس مني، ولا يرد
علي الحوض)!
وقال: (لا تكن لهم شرطيا ولا جابيا)!
وقد فسر النبي ﷺ قوله تعالى: ﴿وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم
عن سبيله﴾ فخط لأصحابه في الأرض خطا مستقيما، وقال هذا سبيل الله وسبيل الحق، وخط على
جانبه خطوطا يمينا وشمالا، وقال هذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه!
وقد فسر النبي ﷺ ذلك في أحاديث كثيرة، وأنهم الأئمة والأمراء الذين يضلون الناس، فقال
في حديث حذيفة في الصحيحين محذرا منهم: (دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيه،
هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا) فقال حذيفة: (فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول
الله؟ قال الزم جماعة المسلمين وإمامهم)، وفي رواية أبي داود: (إن كان لله في الأرض
خليفة فالزمه)، قال: (فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟) قال ﷺ: (اعتزل تلك الفرق كلها).
وقال: (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون)، وفي صحيح البخاري (ح رقم
٣٦٢٢) سألت امرأة أبا بكر الصديق وهو خليفة: (ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح؟) قال:
(ما استقامت لكم أئمتكم)، قالت: (ومن الأئمة؟) قال: (أليس في قومك رؤوس وأشراف يأمرونهم
فيطيعونهم؟) قالت: (بلى) قال: (فهم أولئك على الناس).
وهذا كقوله تعالى عن فرعون وملئه: ﴿وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار﴾.
فجعلت "القاديانية الخليجية" سبيل النجاة والفلاح هو اتباع هؤلاء
الأئمة المضلين، الذين حذر النبي ﷺ من فتنتهم وقال عنهم (دعاة على أبواب جهنم)! وأوجبت طاعتهم واتباعهم!
وفي الوقت الذي يوالي أتباع "القاديانية الخليجية" السلطة في
كل بلد، دون نظر إلى طبيعتها، ومدى شرعية ولايتها، وشرعية أحكامها وتصرفاتها السياسية،
بل توجب على الأمة وشعوبها السمع والطاعة لها، حتى وإن كانت تصرفاتها ردة صريحة -كمظاهرتها
الكفار على المسلمين بالمال والرجال، أو شن الحرب على شعوبها واستباحة دمائها لشهوة
السلطة بمعونة اليهود والنصارى، بما يفضي إلى ردة كل من أطاعها في ذلك- وتتصدى لكل
من عارض هذه السلطة لأسباب شرعية أو سياسية، بدعوى أنه خارجي! فتغتفر للسلطة ورجالها
اقتحامهم نواقض الإسلام القطعية، واستباحتهم للمحرمات، واستباحتهم دماء المسلمين، فلا
يؤثر ذلك كله عند القاديانية على وجوب تولي هؤلاء الأئمة القرامطة وموالاتهم، والسمع
والطاعة لهم، وحبهم والدعاء لهم، والدفاع عنهم، فإنها في مقابل هذا التسامح الرخيص
مع الرؤساء إلى حد الإباحية القرمطية؛ تشن حربا لا هوادة فيها باسم العقيدة والسنة
على كل من خالفها في باطلها هذا، فلا تدع أحدا من علماء الأمة ومذاهبها وطوائفها لم
تبدعه وتحذر منه!
فأصبحت السلطة ورجالها فوق أحكام الشرع وما توجبه من الولاء والبراء، مهما
فعلت، بينما الأمة وعلماؤها ودعاتها وشعوبها لا حرمة لها ولا لدينها، ولا لأمواتها
فضلا عن أحيائها، فيستحلون منهم ما حرم الله، من الطعن فيهم، والتحذير منهم، والتشهير
بهم، والوشاية إلى السلطة، وتحريضها على سجنهم وقتلهم!
وكل هذا الفساد في الأرض باسم اتباع السنة والتحذير من البدعة! بينما هم
ساعون في هدم الإسلام وأركانه ونقضه عروة عروة باتباع الطاغوت وتحكيمه وموالاته ونصرته!
فصار دعاة "القاديانية الخليجية" مرجئة إباحية مع دولهم الوظيفية
للحملة الصليبية، فمهما فعلت دولهم من نواقض الإسلام، ومهما عطلت وغيرت وبدلت من أحكام،
ومهما طغت وبغت في الأرض، فلا يسقط كل ذلك وجوب الطاعة لها! بينما هم خارجية حرورية
مع المصلحين الذين يأمرون هذه الدول والحكومات بالمعروف، وينهونها عن المنكر فيستحلون
سجنهم وقتلهم وإباحة دمائهم بمجرد كلمة يصدعون بها لأن أول الخروج عندهم الخروج بالكلمة!
فضادوا حكم النبي ﷺ وقوله: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)!
فكانوا أشبه بأحبار اليهود الذين
وصفهم القرآن بأنهم يكفرون بآيات الله ﴿ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون
بالقسط من الناس﴾ وصدق في هذه القاديانية قوله ﷺ: (يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الدين)!