القاديانية الخليجية
وشيوخ نابليون
(٨ - ٩)
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
٩ / ٥/ ١٤٤٧هـ
٣١ / ١٠ / ٢٠٢٥م
سبق نابليونُ بونابرت ملكُ فرنسا بولَ بريمر الحاكمَ الأمريكي للعراق
٢٠٠٣م في توظيف "العلماء" و "الفتوى"، ومفهوم "ولي الأمر"
و "السمع والطاعة" لدى المسلمين لترسيخ احتلاله لمصر سنة ١٧٩٨م ولمنع الثورة
عليه وقتاله!
فأدرك أنه لا يمكن له السيطرة على مصر وشعبها ومنع الجهاد ضده إلا بادعاء
أنه مسلم وحينها سيكون في نظر العلماء ولي أمر واجب الطاعة وتحرم الثورة عليه!
فكان يخاطب المصريين في منشوراته بخطاب إسلامي -كما ذكر مؤرخ مصر الجبرتي-
فيذكر فيها كلمة التوحيد، وأنه جاء لتخليص مصر والإسلام من ظلم المماليك أعداء النبي
محمد ﷺ! وارتدى الثوب العربي وحضر احتفال المولد النبوي! فسماه المصريون
"علي بونابرت" والسلطان الكبير!
حتى ضحك قادة جيشه من دهائه وأخذوا يتندرون بسذاجة الشيوخ الحمقى!
ودخل الأزهر واجتمع بالعلماء ووقرهم!
وقام بتشكيل ديوان شورى لإدارة مصر ضم في عضويته الشيخ الشرقاوي والشيخ
السادات والشيخ المهدي تماما كما فعل بول بريمر في العراق بتشكيل مجلس الحكم واستصدار
فتوى من الشيوخ والمراجع!
وقد خدع نابليون بعض العلماء فرأوا أنه سلطان مسلم تجب طاعته، بينما كذّبه
العامة وطلبة الأزهر وثاروا عليه!
وقد استصدر فتوى من بعض الشيوخ جاء فيها كما قال الجبرتي: (وأرسل الفرنساوية
إلى المشايخ يأمرونهم أن يفتوا الناس بطاعتهم وعدم الخروج عليهم، لئلا يقع الهرج والقتل!
فأفتى بعضهم بذلك، وقالوا: من غلب على الناس وجبت طاعته في المعروف، وأن الخروج عليه
مفسدة عظيمة..)!
وقال نابليون في منشوره حين احتل مصر: (جئتُ إلى بلادكم، لأخلّصكم من يد
الظالمين، وأرفع شأن الدين الإسلامي الشريف، فإنني أحب النبي محمدًا ﷺ وأحترم القرآن العظيم..
فعليكم أن تطمئنوا، وأن تدعوا الناس إلى الهدوء والطاعة، وأن تعلموهم أنني
ما جئت إلا لأقيم العدل وأرفع الظلم، وأحفظ ديار الإسلام من الفساد..).
وقال في منشور آخر: (وأما المشايخ والعلماء والقضاة والأئمة، فليطمئنوا،
وليبقوا في مناصبهم..)!
فلما رأى المصريون فساده وظلمه، وثاروا عليه؛ وقف العلماء معهم، فرمى نابليون
الأزهر بالمدافع واقتحمه بخيوله وجيشه، وقتل جماعة منهم، واستطاع المصريون بعد ثلاث
سنوات من الثورة طرد المحتل الفرنسي، وقتل القائد كليبر إلا أن هذا المشهد لن يتكرر
بعد مجيء المحتل البريطاني لمصر سنة ١٨٨٢ الذي كان قد رعى القاديانية الهندية، واستنسخها
في مصر، وهو ما فعله بعد ذلك في الخليج وجزيرة العرب، وأكمل رعايتها بعده المحتل الأمريكي!
وكانت "القاديانية الخليجية" أشدها انقلابا على موروثها الديني،
فبعد أن كان الدخول تحت حماية بريطانيا في الخليج ردة وكفرا -كما جاء في فتوى عبدالله
بن عبداللطيف آل الشيخ وأخيه إبراهيم وابن سحمان كما في الدرر السنية النجدية ١٠/
٤٣٥- إذا هو من التوحيد والسنة واتباع سلف الأمة!
وقد حكى ابن تيمية في منهاج السنة (٦/ ١١٨) عن بعض أسلاف الباطنية أنه
سُئل (إذا جاء الكفار إلى بلادنا فقتلوا النفوس وسبوا الحريم وأخذوا الأموال، هل نقاتلهم؟
فقال: لا، المذهب أنا لا نغزو إلا مع المعصوم، فقال ذلك المستفتي مع عاميته: والله
إن هذا لمذهب نجس، فإن هذا المذهب يفضي إلى فساد الدين والدنيا..)!
فصار هذا المذهب النجس دين "القاديانية الخليجية" اليوم عليه
يوالون ويعادون!
وقال ابن تيمية: (فيلزم من ذلك استيلاء الكفار، أو ظهور الفجار؛ لأن الدين
لمن قاتل عليه وهذا الرأي من أفسد الآراء)!
وصار وجود الإمام وإذنه شرطا لصحة جهاد العدو الكافر بعد أن كان الشيخ
عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ يعده من الفرية في الدين! في رده على أسلاف هؤلاء القاديانية!
حيث يقول في الدرر السنية ٨/ ١٩٩: (بأي كتاب، أم بأية حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع
إمام متبع؟! هذا من الفرية في الدين، والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال
هذا القول أشهر من أن تذكر، من ذلك عموم الأمر بالجهاد، والترغيب فيه... وكل من قام
بالجهاد في سبيل الله، فقد أطاع الله وأدى ما فرضه الله، ولا يكون الإمام إماما إلا
بالجهاد، لا أنه لا يكون جهاد إلا بإمام، والأدلة على بطلان ما ألفته كثير في الكتاب
والسنة والسير والأخبار، وأقوال أهل العلم بالأدلة والآثار، لا تكاد تخفى على البليد!
إذا علم بقصة أبي بصير، لما جاء مهاجرا فطلبت قريش من رسول اللهﷺ أن يرده إليهم، بالشرط الذي كان بينهم في صلح الحديبية، فانفلت منهم حين
قتل المشركين، اللذين أتيا في طلبه. فرجع إلى الساحل لما سمع رسول الله ﷺ يقول: "ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه غيره"، فتعرض لعير قريش
إذا أقبلت من الشام يأخذ ويقتل، فاستقل بحربهم دون رسول الله ﷺ لأنهم كانوا معه في صلح، فهل قال رسول الله ﷺ أخطأتم في قتال قريش، لأنكم لستم مع إمام؟ سبحان الله ما أعظم مضرة الجهل
على أهله؟ عياذا بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل..).