القاديانية الخليجية
بين الإباحية والوثنية
(٥ - ٧)
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
٤ / ٥/ ١٤٤٧هـ
٢٦ / ١٠ / ٢٠٢٥م
جمعت "القاديانية الخليجية" لترويج أفكارها حول المفهوم الوثني
لولي الأمر -الذي يصدق عندها على كل رئيس دولة حتى وإن كان طاغوتا يحكم بغير ما أنزل
الله، ويوالي أعداء الله، ويحارب أولياءه- بين عقيدتي:
١- غلاة المرجئة والصوفية والباطنية الإباحية تجاه "ولي الأمر"
حيث تتعطل لأجله كل أحكام الشرع، وحقوق الأمة، ويحل له ما حرم على غيره!
٢- والفرعونية الوثنية تجاه الأمة ومصلحيها باستباحة قتل شعوبها المظلومة
واستعبادها وسجن خيارها ليبقى حكم الطاغوت عليها!
فولي الأمر عند "القاديانية الخليجية" أشبه بالولي عند غلاة
الصوفية، وعلاقة الأمة به، علاقة المريدين بالولي، ليس لهم الاعتراض على أمره، ولا
الرفض، بل يسلم الإنسان أمره إلى ولي أمره، ويكون كما المريد الميت بين يدي الولي المغسل،
وإن أخذ ماله، وضرب ظهره، وانتهك عرضه، فالنجاة في الدنيا والآخرة مرهونة بالسمع والطاعة
للطغاة، وليس بعدهم إلا جهنم!
كما صرح به أحد دعاة "القاديانية الخليجية"، وقال بأنه لو خرج
ولي الأمر على الملأ في الفضائيات كل يوم وهو يمارس الفجور والزنا ويشرب الخمر، فإنه
يحرم الطعن فيه، ويجب جمع الناس عليه، والسمع والطاعة له!
وهو كقول غلاة الصوفية بعدم اعتراض المريد على الولي حتى وإن رآه يزني
ويفعل الفاحشة!
وهذا عينه (مذهب الإباحية الدافعين للأمر والنهي، والوعد والوعيد، ملاحظين
لحقيقة القدر التي لا يُفرق فيها بين الأنبياء والمرسلين، وبين كل جبار عنيد) كما قال
عن أسلافهم ابن تيمية في الأصفهانية (ص ١٨٨).
وكغلاة المرجئة الذين يرون بأنه يجب طاعة ولي الأمر مطلقا ولو لم يلتزم
بسنن الخلافة الراشدة، كما قال عنهم ابن تيمية في الفتاوى (٣٥/ ٢٥): ومنهم (من يبيح
الملك مطلقا؛ من غير تقيد بسنة الخلفاء؛ كما هو فعل الظلمة والإباحية والمرجئة).
فأطلق ابن تيمية وصف الإباحية على مجرد ترك سنة الخلفاء الراشدين وتجويز
سنن الملك مطلقا، وهو ما تجاوزته "القاديانية الخليجية" حتى وصلت إلى طاعته
مطلقا حتى لو ترك قطعيات الإسلام وبدل الشرع! وقد قال ابن تيمية نفسه كما في الفتاوى
(٣/ ٢٦٧) عن بطلان حكم قاضي القضاة ابن مخلوف بسجنه لمصادمته الكتاب والسنة والإجماع:
(جعل ما فعل في هذه القضية شرع محمد بن عبد الله ﷺ، والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو
بدل الشرع المجمع عليه، كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء. وفي مثل هذا نزل قوله على
أحد القولين: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} أي هو المستحل للحكم
بغير ما أنزل الله، ولفظ الشرع يقال في عرف الناس على ثلاثة معان:
الاول "الشرع المنزل" وهو ما جاء به الرسول وهذا يجب اتباعه
ومن خالفه وجبت عقوبته.
والثاني "الشرع المؤول" وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب
مالك ونحوه. فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب ولا يحرم، وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به ولا
يمنع عموم الناس منه.
والثالث "الشرع المبدل" وهو الكذب على الله ورسوله ﷺ أو على الناس بشهادات الزور ونحوها، والظلم البين، فمن قال إن هذا من
شرع الله فقد كفر بلا نزاع).
وهذا الكفر بلا نزاع عند ابن تيمية هو ما تدعو "القاديانية الخليجية"
إليه باسم طاعة ولي الأمر مهما ظلم وطغى!
فيوجبون واقعيا طاعته مطلقا وإن
حكم بالطاغوت، وإن قالوا نظريا بأنه لا طاعة في معصية الخالق!
ويستحلون القتال مع الطاغوت مطلقا لكل من خالفه، ولا يكاد يجري على
"ولي الأمر" عندهم حكم شرعي، ولا شرط لصحة ولايته، ووجوب طاعته، إلا ادعاء
أنه مسلم، فمهما فعل من نواقض الإسلام، لا يخرج عنه، ولا تبطل ولايته، ولا تسقط طاعته،
ولا يجوز عزله ولا خلعه!
بينما أجمع المسلمون على أن الولاة في الإسلام كغيرهم في خضوعهم للشرع
وأحكامه، وأنه تقام عليهم الحدود والقصاص، ويعزلون عند فقد شروط الأهلية، ويحرم طاعتهم
في غير المعروف، ولا طاعة لهم في المعصية، ويحرم القتال معهم ونصرتهم إلا حين يكون
القتال نفسه مشروعا، قال ابن تيمية (٦/ ١١٦) :(ولا خلاف بين علماء السنة أنهم يقاتلون
مع أئمة العدل، مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لكن هل يقاتلون مع
أئمة الجور؟ فنقل عن مالك أنهم لا يقاتلون، وكذلك قال فيمن نقض العهد من أهل الذمة:
لا يقاتلون مع أئمة الجور، ونقل عنه أنه قال ذلك [أي المنع من القتال معهم] في [قتال]
الكفار، وهذا منقول عن مالك وبعض أصحابه، ونقل عنه خلاف ذلك [يعني جواز جهاد الكفار
مع أئمة الجور]، وهو قول الجمهور، وأكثر أصحابه خالفوه في ذلك، وهو مذهب أبي حنيفة،
والشافعي، وأحمد، وقالوا: يغزى مع كل أمير برا كان أو فاجرا إذا كان الغزو الذي يفعله
جائزا، فإذا قاتل الكفار، أو المرتدين، أو ناقضي العهد، أو الخوارج قتالا مشروعا قوتل
معه، وإن قاتل قتالا غير جائز لم يقاتل معه، فيعاون على البر والتقوى..).