بقلم د.حاكم المطيري
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي
بعده وعلى آله وصحبه وبعد..
فهذه رسائل وأسئلة وردت إلي مؤخرا من بعض شباب
الثورة الليبية والسورية رأيت جمعها في رسالة واحدة، والإجابة عنها على سبيل
الإيجاز:
الرسالة الليبية وجوابها :
السلام عليكم فضيلة الدكتور ..
1- مع وجود التعددية إلى أي حد تكون الحريات
للأحزاب مثل العلمانية ونحوها في ظل دولة مصدر دستورها الوحيد الكتاب والسنة
؟
2- ما حكم التداول على السلطة؟
أخوكم من ليبيا بارك الله فيكم ...
...
وعليكم السلام ورحمة الله..
وحياكم الله وسددكم ونصركم...
تجد الجواب مفصلا في كتابي (نحو وعي سياسي راشد)
ومقالتي عن (الثورة ونظام الحكم الراشد)، والتعددية تعني فتح الطريق للتنافس بين
عدد من المرشحين أو بين الأحزاب السياسية ببرامجها للوصول إلى السلطة، ولا يمكن
قيام حكم راشد في الدولة المعاصرة يقيم الشورى بلا تعددية، إذ المقابل للتعددية هي
الأنظمة الشمولية والاستبداد – أسرية كانت هذه الأنظمة أو عسكرية أو نظام الحزب
الواحد - وإنما التعددية هنا هي تعددية سياسية في إطار النظام العام للدولة
ودستورها الذي يجب أن يعبر عن إرادة الأمة وخيارها، فدين الدولة وهو الإسلام يمنع
من قيام حزب سياسي يريد تقويض النظام العام للدولة، كما في كل الأنظمة السياسية،
فلا بد أن يلتزم أي حزب سياسي بالنظام العام الذي ارتضته الأمة، وهو أمر بدهي، هذا
إذا كانت الشوكة للأمة، وإرادتها نافذة، أما في ظل عجزها عن فرض إرادتها وخيارها،
فالأمر يختلف، ويعمل المصلحون وفق الممكن للمستقبل لهم وللأمة معهم، فان بقاء الشعب
ووحدته ودولته أصل يجب المحافظة عليه، فإذا زالا لم يبق مكان يقام فيه الدين
وأحكامه أصلا، فالمحافظة على ذلك مقصود للشارع، مع العمل من أجل الإصلاح حتى تكون
القوة للأمة..
....
الرسالة السورية وجوابها :
الدكتور حاكم المطيري...
حفظكم الله...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كما تعلم فإن الوقت الآن وقت هدم للباطل في دول
طالما عاشت في كنف الاستبداد، ومرحلة بناء دولة طالما انتظرها العرب، ولكن نحن
كمسلمين، وكأصحاب توجه إسلامي، أحيانا كثيرة نستشكل عدة أمور في شكل الدولة
والإشكالات الشرعية حولها..
هل يسمح لنا استأذنا الدكتور حاكم المطيري لو
طرحنا بضع أسئلة مفصلة حول ذلك؟ وإن أحب الشيخ نتمنى أن تكون كمقابلة مكتوبة لتنشر
ويستفيد منها عدد أكبر..
الأسئلة هي :
1- نحن كمسلمين ما هي النية التي نعمل من خلالها
في هدم أركان الظلم والاستبداد وبناء دولة جديدة؟ هل يعد سعينا لإزالة الظلم
والوصول للحرية والكرامة مطلباً دنيوياً فقط؟ أم إننا يجب أن نسعى في هذا لإعلاء
كلمة الله والمساهمة في إزالة نظام طالما حارب الدعوة في بلاد الشام لنحصل على
الأجر والمثوبة؟
2- ما هي الدولة المدنية الديمقراطية
التعددية؟
3- ما هي الدولة التي نطالب فيها نحن كمسلمين
بالسعي لها والتي تطبق شرع الله؟
4- كيف نساوي بين المواطنة والتي تساوي بين
المواطنين وأن أي مواطن مهما كان دينه له الحق في أن يصبح رئيسا للبلاد، وبين منع
تولي غير المسلم للمسلم؟ وكنت قد قرأت مقالا سابقا للدكتور ..... يقول بأن هذا لا
يضر لأن الحاكم في الدول الديمقراطية البرلمانية هو البرلمان والذي في أغلبه سيكون
مسلمين بناء على اختيار الشعب؟
5- هل سعينا لدولة مدنية ديمقراطية تعددية يعد
محرم شرعا؟
...
الإجابة ..
ج1 : يشترط في أفعال المكلف كلها في حال السعة
والاختيار عدم مخالفتها لحكم الله ورسوله لقوله تعالى {ومن يتعد حدود الله فأولئك
هم الظالمون} {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا}، وجاء في الصحيح (ما
أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا)..
فكل ما ليس ممنوعا شرعا فلا حرج على المكلف فيه،
فيدخل في ذلك المباح بكل صوره سواء كانت إباحة عادية أو عقلية أو شرعية، ويدخل فيه
أيضا المشروع سواء كان واجبا أو مستحبا، وأما في حال الاضطرار فلا حرج على المضطر
في فعل المحظور سواء كان مكروها عند الحاجة، أو محرما عند الضرورة لقوله تعالى {إلا
ما اضطررتم إليه}،
وأما النيات فأثرها محصور في ترتب الثواب على
الفعل لا في إثبات مشروعيته ذاتها، فقد يكون الفعل مباحا فيثاب الفاعل له على نيته
إذا قصد الاستعانة بالمباح على الطاعة، وقد يكون الفعل عبادة واجبة فيفعلها المكلف
لا طاعة لله بل رياء وسمعة، فلا يؤجر على فعله، بل قد يعاقب، لحديث (إنما الأعمال
بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..)..
فالواجب النظر إلى الفعل نفسه هل هو مشرع في حد
ذاته أم غير مشروع، ولا شك بأن دفع الظلم بكل صوره مما أمر الله عز وجل وأذن به كما
قال تعالى {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون .. ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما
عليهم من سبيل. إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق}،
وجاء في الصحيح (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونصرة
المظلوم)..الخ
فدفع الظلم عن النفس وعن الغير لا يخرج عن كونه
واجبا أو مستحبا أو مباحا بحسب نوع الظلم وحجم ضرره على النفس، ولهذا تواتر تواترا
معنويا حديث (من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد)، (من قاتل دون دينه فقتل فهو شهيد)،
(من قاتل دون دمه فقتل فهو شهيد)، (من قاتل دون أهله فقتل فهو شهيد)، (من قتل دون
حقه أو ومظلمته فهو شهيد)..الخ
والمال والحق والعرض والدم كلها أمور دنيوية ومع
ذلك هي من الضرورات الخمس التي جاء الشريعة لحفظها ورعايتها، فمن قاتل دونها فقد
فعل ما وجب عليه، أو ما استحب له بلا خلاف، ولا يحرم عليه الدفاع عن حقه بدعوى أنه
يقاتل للدنيا لا للدين، فهذا من الباطل الذي لا يشك عاقل فضلا عن عالم ببطلانه، وقد
فصلت القول في ذلك في مقال (أحكام الشهداء)، ومقال (شهداء الثورة العربية بين جرائم
الطغاة وفتنة الدعاة)..
ولا يشترط لدفع الظلم عن النفس وعن الغير استحضار
النية، إذ ليس هو من العبادات التي يشترط لها النية لتمييزها عن العادات، ولا
لاستحضار معنى العبودية الخالصة لله أثناء أدائها، بل المطلوب هنا دفع الضرر عن
النفس وهو أمر جبلي غريزي، فمجرد القيام بدفع الظلم وإزالة الضرر يتحقق المقصود
شرعا، فإن قتل المظلوم حينها فهو شهيد – كما فصلناه في مقال أحكام الشهداء – فإن
استحضر أثناء قيامه بدفع الظلم نية إعلاء كلمة الله فقتل، فهو في سبيل الله، وهي
أعلى صور الشهادة وأشرفها، لحديث (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل
الله)..
فكل مسلم جاهد لدفع الظلم عن نفسه أو عن غيره من
المستضعفين والمظلومين من المسلمين أو غير المسلمين فقتل فهو شهيد وفي سبيل الله
{وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين}، وقد جاء في الصحيح (يا عبادي إني
حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)، وجاء أيضا (واتق دعوة
المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)، وهذا عام سواء كان المظلوم مسلما أو غير
المسلم، ويزداد الأمر وجوبا في الدفع عن المظلوم إذا كانت بين المدافع والمظلوم
رابطة دم ورحم، أو رابطة مجاورة ووطن، كما في قوله تعالى {اتقوا الله الذي تساءلون
به والأرحام}، وقال {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي
القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن
السبيل..} فأمر الله بالإحسان إلى الخلق جميعا، وخص هؤلاء للقرابة والحاجة، دون نظر
إلى جنسهم ودينهم ..
والمقصود أن كل من قام بالدفاع عن حقه ورفع الظلم
عن نفسه أو عن غيره فقد قام بالواجب والمشروع، وهو مأجور على ذلك إن قام استجابة
للأمر الشرعي بدفع الظلم، خاصة ظلم السلطة، ويكون بذلك مجاهدا (أفضل الجهاد كلمة حق
عند سلطان جائر)، فإن قتل فهو شهيد (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره
ونهاه فقتله)..
فإن نوى ما هو أبعد من دفع الظلم وتحقيق العدل،
وقصد أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يظهر الإسلام ويحكم في الأرض، فهذا أعلى
أنواع الجهاد، وأشرف صور الشهادة!
ج2 : هذه الألفاظ (الدولة المدنية والديمقراطية
والتعددية) ألفاظ مجملة لا يترتب عليها حكم قبل البيان، وإنما يترتب الحكم الشرعي
على حقائقها بعد تحديد المراد منها، حتى لا يرد ما فيها من الحق، ولا يقبل ما فيها
من الباطل!
فالدولة المدنية تقابل في ثقافة الغرب المسيحي
الدولة الدينية (الثيوقراطية) وهو حكم رجال الدين، التي عاشته أوربا قرونا طويلة،
ويتم الحكم فيها من قبل الملوك بمباركة البابا وتفويضه لهم باسم الله، حيث تحالفت
الكنيسة مع السلطة وشاع الطغيان الديني والسياسي، وكانت الضحية هي الشعوب الأوربية،
حتى جاءت الثورة الفرنسية وفصلت الدين عن الدولة، بنظام الدولة المدنية التي لا
تخضع لسلطة رجال الدين!
وهذا المعنى غير معروف في تاريخ الإسلام، بل
الإسلام جاء لهدم هذه الدولة التي يكون رجال الدين فيها أربابا من دون الله {اتخذوا
أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}، وأبطل الإسلام كل صور الإكراه {لا إكراه في
الدين}، وجاء بالحكم المدني السياسي {وأمرهم شورى بينهم}، {وشاورهم في الأمر}، وكان
أول دستور مدني عرفه العالم هو صحيفة المدينة التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم
حين دخل يثرب فصارت (المدينة) للإعلان عن قيام دولة المدينة والمدنية، ودولة العلم
والحضارة الإنسانية، على أنقاض يثرب وجاهليتها وعصبيتها، وعلى أنقاض مكة الجاهلية
وطبقيتها وكهنوتها الديني!
فقد جاء الإسلام بنظام سياسي راشد واضح المعالم،
راسخ الأصول، قطعي الأحكام، وجعل وجود الدولة للإسلام إحدى ضروراته التي لا ظهور له
إلا بها، حتى قال عمر (يا معشر العرب إنه لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا إمامة،
ولا إمامة بلا طاعة)[1]، وهو ما يفسر بداية
التاريخ الإسلامي بالهجرة النبوية وقيام دولة الإسلام في المدينة، على أساس علاقة
تعاقدية بين السلطة السياسية والمجتمع كما في بيعة العقبة الثانية، ثم على أساس
الوثيقة السياسية التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة مباشرة في صحيفة
المدينة، وقد تضمنت كل المبادئ الدستورية التي تنظم علاقة السلطة بالمجتمع ومن ذلك
:
1- التأكيد على الطبيعة التعاقدية بين كل مكونات
المجتمع الجديد على اختلاف فئاتهم وأديانهم، كما جاء في مغازي الزهري في سيرة ابن
إسحاق (كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه
يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم واشترط عليهم).
2- وقيام العلاقة على أساس مفهوم الأمة الواحدة
والشعب الواحد، لا فرق بين مواطن ومهاجر، في حقوق المواطنة (المؤمنين والمسلمين من
قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم إنهم أمة واحدة من دون
الناس).
3- وتقرير مبدأ حقوق المواطنة للجميع، فلا فرق
بين مسلم وغير مسلم، بل الجميع أسوة وسواء بالمعروف والعدل (وأنه من تبعنا من يهود
فإن له المعروف والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم... وإن يهود بني عوف أمة مع
المؤمنين.. وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.. وأن بينهم النصر على
من حارب أهل هذه الصحيفة.. وأن بينهم النصر على من دهم يثرب)، وفي رواية أبي عبيد
في كتاب الأموال عن مغازي الزهري (وأن يهود بني عوف أمة من المؤمنين)، قال الإمام
أبو عبيد القاسم بن سلام (إنما أراد نصرهم المؤمنين ومعاونتهم إياهم على عدوهم
بالنفقة التي شرطها عليهم، فأما الدين فليسوا منه في شيء، ألا تراه قد بين ذلك
بقوله : لليهود دينهم، وللمؤمنين دينهم).
فالمراد هنا إثبات أن يهود المدينة أمة مع
المؤمنين، وأمة من المؤمنين في المواطنة في الدولة، وفي والحقوق والواجبات السياسية
العامة، لا في الدين حيث لكل أمة دينها، ولا إكراه في الدين، وقد قامت هذه الضريبة
والالتزامات المالية والقتالية الطوعية من اليهود بناء على هذا التعاقد السياسي
تجاه دولة المدينة في تقرير حقوق المواطنة لهم، ولهذا لم تفرض عليهم الجزية، وكان
يسهم لهم في المغانم، كما قال أبو عبيد في كتاب الأموال (إنما كان يسهم لليهود إذا
غزوا مع المسلمين بهذا الشرط الذي شرطه عليهم من النفقة)..
4- وإقرار الحرية الدينية للجميع (لليهود دينهم،
وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم).
5- وقيام مكونات المجتمع بمسئولياتها بالتعاون
فيما بينها بالمعروف على أساس العدل والقسط (كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط
بين المؤمنين)، وعلى الالتزام المالي تجاه الدولة (وعلى كل أناس حصتهم من
النفقة)...
6- وتحقيق التكافل المالي والعدالة الاجتماعية
بين الجميع (وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو
عقل).
7- وقيام المجتمع بدوره السياسي في المحافظة على
النظام العام، وصيانة وحدة المجتمع، والتصدي للظلم والفساد والعدوان (وإن المؤمنين
المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان ، أو فساد بين
المؤمنين، وإن أيديهم عليه جميعا ، ولو كان ولد أحدهم).
8- وحق الجميع في العدل والأمن (وأن بينهم
النصيحة والنصر للمظلوم.. وأنه من خرج فهو آمن، ومن قعد فهو آمن، إلا من ظلم
وأثم).
9- وحق المساواة في الذمة والمسئولية (وإن ذمة
الله واحدة يجير عليهم أدناهم).
10- وتنفيذ النظام والأحكام على الجميع (وإنه لا
يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ولا
يؤويه، وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه
صرف ولا عدل) قال أبو عبيد (المحدث كل من أتى حدا من حدود الله، فليس لأحد منعه من
إقامة الحد عليه).
11- وأن المرجعية التشريعية للحكم هو الشريعة
(وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن حكمه إلى الله تبارك وتعالى وإلى
الرسول..).
12- وأن المرجعية السياسية للفصل بين الخلافات
والنزاعات هي السلطة السياسية (وأن ما كان من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده
إلى الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم)..
فهذه بعض المبادئ الدستورية التي نظمت شئون
المجتمع والدولة في المدينة، وهي قائمة على أساس العقد والشرط بين مكونات المجتمع
الجديد، وهو عقد سياسي مدني، لا سلطة فيه لرجال الدين، ولا كهنوت فيه، ولا انتهاك
لحق ديني أو إنساني أو مالي، فالعدل للجميع، والأمن للجميع، والحرية الدينية للجميع
،وحقوق المواطنة للجميع.
وهذا غاية البر والقسط والعدل لقول الله تعالى
{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم
وتقسطوا إليهم}..
وعليه لا يمكن وصف الدولة في الإسلام بأنها دولة
دينية (ثيوقراطية) بالمفهوم الغربي المسيحي، التي يحكمها رجال الدين، ولا دولة
(مدنية) بالمفهوم الغربي العلماني الفرنسي، الذي يفصل الدين عن الحياة السياسية، بل
هي دولة مدنية، فالمرجعية السياسية فيها للأمة، حيث تنتخب الأمة فيها السلطة
بالشورى والاختيار، لا بالتفويض الإلهي، ولا بواسطة رجال الدين، وهي كذلك دولة
قائمة على مرجعية الإسلام الدستورية والتشريعية، فهي دولة مدنية سياسيا، وإسلامية
تشريعيا، فالأمة مصدر السلطات الثلاث (السلطة السياسية التنفيذية، والسلطة الرقابية
والتنظيمية، والسلطة القضائية)، والإسلام هو مصدر التشريع الأعلى، والمرجع القانوني
الأسمى.
والسبب الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يضع
دستور المدينة أول دخوله إليها، هو كونه كما وصفه الله ليس بجبار، ولا ملك، ولا
مسيطر، {لست عليهم بمسيطر}، {وما أنت عليهم بجبار}، والجبار هو الملك، وقد بايعه أهل
المدينة المؤمنون به في العقبة الثانية على عقد سياسي (بايعنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم على السمع والطاعة، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيثما كنا
لا نخاف في الله لومة لائم، إلا أن تروا كفرا بواحا..)..
فكانت العلاقة السياسية التي قامت بناء عليها
دولة المدينة، علاقة تعاقدية بين الأمة من المؤمنين من جهة، والسلطة والإمام من جهة
أخرى، لا تنازع فيها للأمر والسلطة، بل هو شورى، كما لا يغيب دور الأمة ومسئوليتها
بعد العقد للسلطة وبيعتها على السمع والطاعة، بل تظل الأمة قائمة بالحق لا تخاف في
الله لومة لائم، وهذه العلاقة قائمة مع السلطة ما لم تخرج عن الشريعة والعدل والقسط
الذي جاءت به، فإن خرجت فلا سمع لها ولا طاعة..
فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد
مكونات اجتماعية أخرى، لم تؤمن به ولم تبايعه بالرضا والاختيار على السمع والطاعة،
وليس هو بجبار ولا مسيطر سياسيا، ولا إكراه في الدين عقائديا، فكان لا بد وفق
هدايات القرآن الذي جاء بالعدل والقسط أن تقوم العلاقة مع هذه المكونات التي لا
تؤمن به نبيا على أساس عقد تراض سياسي، تحدد بموجبه الحقوق والواجبات، والمرجعية
السياسية والتشريعية في الدولة الجديدة، فكانت صحيفة المدينة ودستورها الذي نشأت
العلاقة فيه على أساس المواطنة للدولة والالتزام بدستورها وعقدها السياسي، لا على
أساس الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا غاية العدل والقسط الذي أراده الله
{لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس
بالقسط}..
فهذا بخصوص مفهوم (الدولة المدنية)، فلا حرج في
استعماله بالمعنى الصحيح، وهو أن الأمة هي التي تختار السلطة بالشورى لا بالتفويض
الإلهي.
وكذلك مصطلح (الديمقراطية)، ليس له مفهوم واحد
محدد، بل له معان عدة، فأصل الكلمة تعني (حكم الشعب للشعب)، بمعنى أن الشعب هو الذي
يختار السلطة، وهذا المعنى صحيح شرعا في الإسلام، فالأمة هي التي تختار السلطة،
وعلى هذا أجمع الصحابة كما قرر ذلك عمر في آخر خطبة له في صحيح البخاري (من بايع
رجلا دون شورى المسلمين فلا بيعة له ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا)، وقال أيضا كما
صح عنه (الإمارة شورى بين المسلمين)..
كما للديمقراطية اليوم معنى أوسع من ذلك فالنظام
الديمقراطي هو الذي توفرت فيه شروط عدة وهي حكم الشعب، والتداول السلمي للسلطة،
والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون على
الجميع..
وكل هذه المعاني صحيحة ولا حرج فيها من حيث
المبدأ العام، وهي تتوافق مع ما جاء به الإسلام من العدل والقسط، كما فصلته في كتاب
(الحرية أو الطوفان) وكتاب (تحرير الإنسان).
وهذا بخلاف الديمقراطية بمفهومها العقائدي
وأصولها الفلسفية التي لا زالت محل جدال وخلاف كبير بين الديمقراطيين والليبراليين
أنفسهم، حيث ينزع بعضهم إلى جعل حرية الفرد وحقوقه الطبيعية هي الأساس، مع الاختلاف
في تحديد تلك الحقوق الطبيعية، والخلاف في دائرة الحرية الفردية، والخوف عليها من
حكم الأكثرية واستبدادها..الخ
وينزع آخرون إلى جعل الأساس حقوق الفرد كعضو في
المجتمع، وضرورة المحافظة على الأفراد وحرياتهم وحقوقهم كمجموعة تتشابك مصالحها،
وتحكمها قيم وأديان وفلسفات، يجب مراعاتها، فالديمقراطية تعني حكم الأكثرية واحترام
إرادتها وحقوقها، مع حماية حقوق الأقلية..الخ
والديمقراطية بأصولها تلك، وبهذا المعنى غير
مقصودة بلا شك في استخدام كثير من المسلمين وفقهائهم ومفكريهم وكتابهم في هذا العصر
لمصطلح الديمقراطية، بل يقصدون المعنى الأول الذي يعني الشورى والعدل والحرية
والمساواة وفق حكم الشريعة.
وأما التعددية فالمقصود بها ما يقابل الأنظمة
الشمولية الشيوعية حيث الحزب الواحد، والأيديولوجيا العقائدية الواحدة، التي تفرضها
الأحزاب الشيوعية اللادينية كما في روسيا وأوربا الشرقية سابقا، والفاشستية كما في
إيطاليا، والنازية القومية كما في ألمانيا، حيث تنتهك حقوق أهل الأديان، وحقوق
القوميات والأقليات، وحقوق الأفراد وحرياتهم، وحيث يطبع النظام السياسي المجتمع
بطابعه دون احترام للإنسان وحريته وكرامته.
ولا شك بأن الإسلام هو أول من جاء بالتعددية
الدينية حيث أرسى قاعدة {لا إكراه في الدين}، وحمى أهل الأديان من أهل الكتاب من
اليهود والنصارى وغيرهم كالمجوس الذين يعبدون النار، وقرر لهم حقوق المواطنة
العامة، كما قرر ذلك الفقهاء بقاعدة (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)..
كما جاء الإسلام بالتعددية السياسية، وفق نظامه
السياسي، ودون خروج عن نظامه العام الذي تحكمه المرجعية الدستورية والتشريعية، حيث
جعل أمر السلطة بالشورى والاختيار، بلا إكراه ولا إجبار، ولهذا تنافس عليها ورشح
لها يوم السقيفة سعد بن عبادة، ثم أبو عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب، ثم رشح لها
أبو بكر، واختارته الأمة، وكذا رشح لها حين طعن عمر ستة، وتنافسوا فيها، ثم انحصرت
المنافسة بين عثمان وعلي، ثم تم الاستفتاء العام بين أهل المدينة فاختار الأكثر
عثمان رضي الله عنه، كما قال عبد الرحمن بن عوف في صحيح البخاري (يا علي إني نظرت
في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان أحدا، فلا تجعل على نفسك سبيلا)..
وكذا أقر الإسلام التعددية المذهبية والطائفية،
وأجمع الصحابة على سنة علي رضي الله عنه في الخوارج حين خرجوا عليه وكفروه، فقال
(لهم علينا ثلاث أن لا نبدأهم بقتال، ولا نمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيها اسمه،
ولا نحرمهم من الفيء ما دامت أيديهم مع أيدينا) واشترط عليهم (ألا يقطعوا سبيلا،
ولا يسفكوا دما، ولا يظلموا ذميا)..
والمقصود بإقرار الإسلام للتعددية هنا ليس
الموافقة لهم، بل تركهم وعدم التعرض لهم.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه الأموال
(إن عليا رأى للخوارج في الفيء حقا ما لم يظهروا الخروج على الناس، وهو مع هذا يعلم
أنهم يسبونه ويبلغون منه أكثر من السب – أي يكفرونه – إلا أنهم كانوا مع المسلمين
في أمورهم ومحاضرهم، حتى صاروا إلى الخروج بعد).
وقد خرجت في الأمة بعد ذلك فرق وأقليات كثيرة
تأولت القرآن على غير وجهه، فلم يتعرض لهم الصحابة، ولا من بعدهم، وحكموا لهم
بالإسلام العام، وأنهم من أهل القبلة، ما لم يخرجوا على الأمة بالسيف ويستحلوا
دماءها، فعصم الله بهذا الفقه الراشدي الأمة من الاقتتال الداخلي، ومن حروب
الاضطهاد الديني التي كان يعيشها العالم كله وإلى وقت قريب، بينما ينعم أهل الأديان
على اختلاف مللهم ونحلهم بعدل الإسلام ورحمته حتى أخذت أوربا في عصور نهضتها تنحو
نحو الخلافة العثمانية في قانون الأقليات وحماية حقوقها وحرياتها، بعد أن كانت حروب
الاضطهاد الديني بين الكاثوليك والبرتستانت على أوجها تقضى على الملايين، وتهجر
الملايين من أوربا ظلما وعدونا وبغيا!
وهذه من الرحمة العامة التي بعث بها النبي صلى
الله عليه وسلم {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} فسعدت به البشرية والإنسانية كلها
وعمتها رحمة الله ببعثته من آمن به ومن لم يؤمن به.
ج3 : الدولة التي يجب أن يعمل المسلمون جميعا على
إقامتها هي الخلافة الراشدة والأمة الواحدة، وهي النظام السياسي الإسلامي الوحيد
الذي عرفه المسلمون وأجمعوا عليه، مدة ثلاثة عشر قرنا، وبه ساد المسلمون العالم حتى
إذا سقط في الحرب العالمية الأولى فإذا هم يتوارون عن المسرح العالمي كله، ليتحولوا
إلى دويلات طوائف وظيفية، لا وزن لها ولا أثر في ميزان القوى الدولية، وسقط بسقوط
الخلافة الإسلام الدولة الواحدة، والإسلام الأمة الواحدة، والإسلام المرجعية
التشريعية، والإسلام النظام السياسي، والإسلام الهوية والدين!
وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم طبيعة النظام
السياسي في الإسلام بعد النبوة وهو الخلافة الراشدة، وقد قيدها الشارع بالرشد وصفا،
كما جاء في الحديث الصحيح (من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة
الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل
محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة)..
كما حددها زمنا بقوله (خلافة النبوة ثلاثون سنة)،
فجعلها المعيار الموضوعي لمعرفة نظام الحكم الراشد في الإسلام..
وحددها بالحديث الآخر فقال صلى الله عليه وسلم
(تكون النبوة فيكم ما شاء الله، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم يكون ملكا
عضوضا، ثم ملكا جبريا، ثم تعود خلافة على منهاج النبوة)!
وأمر برد كل ما عدا سنن الخلافة الراشدة من
المحدثات، كما في الصحيح (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فأبطل شرعا كل
ما كان من المحدثات التي تخالف نظام الحكم الراشد، من الملك العضوض والجبري الملكي
والجمهوري..الخ
وقد تواترت النصوص عن طبيعة نظام الحكم في
الإسلام بعد النبوة وأنه خلافة راشدة، فلا ملك، ولا جبر، ولا وراثة، ولا قهر، كما
في الصحيح (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا
نبي بعدي) فقالوا وماذا يكون يا رسول الله قال (يكون خلفاء فيكثرون فأوفوا بيعة
الأول فالأول)، وقال أيضا (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الثاني منهما)، فأبطل كل صور
الفرقة السياسية والتشرذم، فليس في الإسلام إلا الخلافة كنظام سياسي، ولا تكون إلا
خلافة واحدة ودولة واحدة وأمة واحدة، كما في الصحيح (إن الله يرضى لكم أن تعبدوه
ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تطيعوا من ولاه
الله أمركم)، فجمع بين أصل توحيد الله ووحدة الأمة السياسية وعدم افتراقها، وجاء في
الصحيح (الزم جماعة المسلمين وإمامهم)، وفي رواية (إن كان لله في الأرض خليفة
فالزمه)، وجاء في الصحيح (لا يزال هذا الأمر عزيز حتى يكون اثنا عشر خليفة)..
الخ
فأجمع المسلمون في الصدر الأول، ومنذ اليوم الذي
توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم، على طبيعة هذا النظام السياسي الفريد، لوضوح
أصوله عندهم، فأقاموه خلافة على نهج النبوة في الحكم وسياسة الأمة، فما زال
المسلمون يسودون العالم تحت ظل نظام سياسي مدة ألف وثلاثمائة سنة، لم يواجهوا
خلالها مشكلة في قدرة هذا النظام على مواكبة تطور العصر وظروفه، مع ما وقع فيه من
محدثات وتراجعات وضعف، إلا أنه ظل نظاما سياسيا فريدا من نوعه، لم يعرف العالم له
مثيلا، وهو أطول النظم السياسية التي عرفها العالم عمرا، فعرف نظام الدولة المركزية
في عهد الخلافة الراشدة وعهد الخلافة الأموية ثم صدر الخلافة العباسية، ثم الدولة
اللامركزية في العصر العباسي الثاني والمملوكي، ثم عادت خلافة مركزية في العهد
العثماني مدة أربعة قرون، وعرفت الأمة في أواخره المشروطية وهو الدستور، والمبعوثان
وهو البرلمان، ومنصب الصدر وهو رئيس الوزراء..الخ حتى تم القضاء عليه في حرب
استعمارية كبرى، كان أحد أهم أهدافها هو القضاء على هذا النظام بالذات، فسقط بسقوط
الخلافة كنظام سياسي الإسلام كأمة واحدة على اختلاف قومياتها وطوائفها، والإسلام
كدولة عالمية تسود المسرح الدولي منذ جاء الإسلام، والإسلام كنظام تشريعي وقانوني،
والإسلام كهوية وثقافة وحضارة، وقام على أنقاض ذلك دويلات وظيفية، لا تعبر عن دين
الأمة وإرادتها، ولا ضميرها وهويتها، ولا نظامها التشريعي والقانوني، ولا ثقافتها
وحضارتها، فكانت تلك الدول مسخا مشوها، هي أشبه شيء بالاستعمار الذي اشتقت منه،
منها بالإسلام الذي انسلخت عنه!
وقد واجه المسلمون هذا الواقع وهم أعجز ما يكونون
وأضعف ما كانوا، فاتسعت الهوة مع الزمن بين ما كانوا عليه، وما صاروا إليه، وتعطل
الفقه الذي لا يمكن أن يعيش إلا في ظل النظام السياسي الإسلامي، إذ هو تعبير عن
طبيعة الأصول التي تحكم المجتمع والدولة في الإسلام، وكان تطور المجتمعات من جهة،
وتخلف الفقه من جهة أخرى إحدى المشكلات التي تعاظمت، ورأى المصلحون أن الخلافة
كوحدة سياسية جامعة أمر متعذر في هذا العصر، فاستروحوا إلى الواقع الممكن عن المثال
الواجب، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بخطاب عام لكل زمان ومكان
(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) (تركت
فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي)، حتى صار المسلمون المخلصون فريقين
فريق يرى بأن الإسلام جاء بمبادئ عامة للحكم كالحرية والعدل، وليس له نظام محدد
للحكم، وترك للعقل الاجتهاد في هذا الباب، ففرغوا النظام السياسي الإسلامي من
عقيدته السياسية، فلا فرق بين ما يدعون إليه وبين أي نظام سياسي غربي أو شرقي إذ
كلها تنشد المبادئ ذاتها، وإنما تتمايز فيما بينها بالنظم التي تعبر عن نظرتها لتلك
المبادئ العامة!
وتجاهل هذا الفريق واقعا سياسيا ظل يحكم العالم
الإسلامي منذ خلافة أبي بكر الصديق إلى خلافة السلطان عبد الحميد، وكأن هذه الأمة
جاءت من فراغ، أو انتظمت حضارتها مدة ألف سنة ويزيد بلا نظام سياسي، ولا أصول
للحكم!
وفريق آخر يريدونها خلافة راشدة دون أن يحيطوا
علما بأصولها وأحكامها، وكيفية بلورتها إلى مشروع سياسي يمكن تطبيقه في كل قطر، بعد
أن تعذر في هذا العصر جمع الأمة عليه، فعاشوا حالة انتظار للمهدي ليعيدها خلافة
راشدة، وأصبحوا يعيشون عالما افتراضيا خياليا بعيدا عن الواقع وسنن التدافع
فيه!
لقد عرف الفقهاء الخلافة بأنها رئاسة عامة على
الأمة، وإذا كانت هذه الرئاسة العامة غير ممكنة اليوم، وإذا تأكد عدم إمكان إقامة
الخلافة الجامعة، وكذا لا يمكن الافتئات على الأمة بشأنها حتى تجتمع أو يجتمع
أكثرها على ذلك، فإن الممكن اليوم هو (الحكومة الراشدة)، في كل قطر تتحرر فيه إرادة
الأمة من الاستبداد والاستعمار، والفرق بينهما أن الحكومة الراشدة، ليست رئاسة عامة
على الأمة، بل رئاسة عامة على قطر من الأقطار، إلا أنها تقوم بكل مسئوليات
وواجباتها الشرعية السياسية في ذلك القطر على وفق ما جاء في الخطاب السياسي القرآني
والنبوي والراشدي، ومن أهم تلك الأصول التي يتحقق بها الرشد لهذه الحكومات ما
يلي:
1- أن تمثل الحكومة في ذلك القطر خيار الأمة
وإرادتها، وأن تقيم نظامها السياسي على أساس حق الأمة في اختيار السلطة التي تحكمها
وتسوس شئونها بالشورى والرضا والاختيار، بلا إكراه ولا إجبار، وأن تكون خيارا
حقيقيا للأمة، لا خيارا صوريا.
2- أن تكون المرجعية الدستورية والتشريعية للدولة
هي الشريعة كتابا وسنة، وتطبيقها وفق أصول الخطاب الراشدي، فلا تعطل النصوص، ولا
تهدر المقاصد، فالغاية تحقيق العدل والقسط الذي جاء به القرآن على أكمل وجه، ورعاية
حقوق الإنسان، وصيانة حريته وكرامته.
3- المحافظة في ذلك البلد على سيادة الأمة
والدولة واستقلالها عن أي نفوذ أجنبي، وتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية لتتحمل
مسئولياتها على مستوى الأمة حسب إمكاناتها.
4- تعزيز التكامل والوحدة والاتحاد مع الدول
الإسلامية المجاورة، للوصول إلى توحيد الأمة، وتحقيق الهدف النهائي (أمة واحدة
وخلافة راشدة).
5- تحقيق التنمية والنهضة الشاملة في جميع
المجالات على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، وأن تثبت فاعلية وكفاءة سياسية
متميزة، وأداء سياسيا ناجحا.
فكل حكومة تحققت فيها هذه الشروط هي (حكومة
راشدة)، والفرق بينها وبين (الخلافة الراشدة)، هو أن الحكومة الراشدة خاصة في القطر
الذي تقوم فيه، بينما الخلافة الراشدة عامة تشترك الأمة كلها أو أكثر دولها في
إقامتها، بعد أن تتحرر أقطارها، وتصل إلى السلطة فيها حكومات راشدة، أو إلى الدول
الرئيسة المؤثرة فيها، بحيث تكون قادرة على توحيد الأمة وحمايتها، كما توحدت أوربا
اليوم في الاتحاد الأوربي باختيار شعوبها وبإرادة حكوماتها المنتخبة، حتى استطاعت
بعد حربين عالميتين بينها لم يمض عليها نصف قرن أن توحد عملتها وبرلمانها ودستورها!
وحين تقوم الحكومات الراشدة التي تمثل خيار الأمة
في كل الأقطار، أو في أكثرها، أو في الدول الرئيسة المركزية فيها، فستكون قادرة على
الإعلان عن اتحادها ووحدتها، واختيار مجلس رئاسة لدولها، يختار رئيسه بشكل دائم أو
دوري، بحسب ما يحقق حكم الشارع ومصلحة الأمة، ويكون هذا المجلس الرئاسي هو مؤسسة
(الخلافة الراشدة)، التي تشترك الأمة من خلال حكوماتها المنتخبة في اختيارها،
لتستأنف الأمة حياتها السياسية من جديد في ظل (الخلافة الراشدة)، كما بشر بذلك
النبي صلى الله عليه وسلم حين قال (ثم تعود خلافة على منهاج النبوة)، حيث سيأتي بعد
عصر الطواغيت - الذي تغيب فيه الخلافة وهو هذا العصر - عصر جديد تعود فيه الأمة من
جديد لوحدتها وقوتها وشريعتها وخلافتها في الأرض!
إن هذه التجزئة للمشروع مع كونها متوائمة مع
الواقعية السياسية التي تفرضها الظروف الموضوعية، فإنها متوافقة مع الأحكام الشرعية
كما قال صلى الله عليه وسلم (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)، وكما قال النبي
شعيب {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت}، فعدم قدرة الأمة اليوم على إقامة الخلافة
الراشدة، لا يسقط وجوب إقامة الحكومة الراشدة في كل بلد تستطيع الأمة فيه إقامتها،
كما إن عدم قدرتها على إقامة حكومة راشدة هنا أو هناك، لا يسقط وجوب إصلاح الأوضاع
السياسية الحالية، وتقويم أود الحكومات القائمة الآن، إذ الواجب شرعا الإصلاح حسب
الإمكان في كل حال، ولا تتعطل الواجبات الشرعية، والفروض الكفائية بدعوى عدم وجود
الخلافة الراشدة، أو عدم وجود حكومة راشدة!
والمقصود بأن الواجب على الأفراد والجماعات في كل
قطر العمل من أجل الوصول في دولهم إلى إقامة (حكومة راشدة) و(نظام حكم راشد)، ثم
الواجب على تلك الحكومات الراشدة أن تعمل على تعزيز الوحدة بين دولها وشعوبها من
أجل إقامة (خلافة راشدة).
ج 4 : المساواة في حقوق المواطنة مبدأ عام، أما
الأحكام التفصيلية، فتختلف باختلاف أحوال المواطنين، فيجب على الأغنياء ما لا يجب
على الفقراء من ضرائب مالية، ولا يعد ذلك إخلالا بمبدأ المساواة، ويجب على الرجل ما
لا يجب على المرأة، ويجب للمرأة من الحقوق ما لا يجب للرجل، مع ما جاء في الحديث من
تقرير مبدأ المساواة بينهما (النساء شقائق الرجال)، ويشترط للمناصب السياسية العامة
شروط لا تتوفر في كل أحد، ولا يعد ذلك إخلالا بمبدأ المساواة
العام..الخ
وقد تضمنت دساتير الدول الأوربية - مع تأكيدها
على مبدأ المساواة - شرط أن يكون رأس الدولة على دين أهلها (فحسب المادة الثالثة من
قانون التسوية البريطاني ينبغي على كل شخص يتولى المُلك أن يكون من رعايا كنيسة
إنجلترا، أما الدستور اليوناني فينص في المادة 47 على أن كل من يعتلي حكم اليونان
يجب أن يكون من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، أما في إسبانيا فتنص المادة
السابعة من الدستور الإسباني علي أنه يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة
الكاثوليكية، باعتبارها المذهب الرسمي للبلاد، وفي الدنمارك، ينص الدستور الدنماركي
في المادة الأولي على أن يكون الملك من أتباع كنيسة البروتستانت اللوثرية، وفي
السويد، ينص الدستور في المادة الرابعة على أنه يجب أن يكون الملك من أتباع المذهب
البروتستانتي الخالص)..[2]
وكذلك يشترط في الرئاسة العامة للدولة في الإسلام
أن يكون رئيسها مسلما، فشرط السمع والطاعة هو للإمام المسلم، الذي تختاره الأمة
وكيلا عنها في سياسة شئون الدولة وفق أحكام الإسلام، وهذا الأصل الذي يتحقق به وصف
الدولة بأنها دار إسلام، وهو أن تكون الشوكة فيها للأمة، والكلمة فيها للإسلام،
وهذه قضية إجماعية قطعية، وأما ما دون ذلك من المناصب السياسية فقد لا يشترط فيها
ذلك، كما في الأحكام السلطانية من عدم اشتراط الإسلام لوزارة التنفيذ، كما في مآثر
الإنافة في معالم الخلافة 1/36 :(الضرب الأول وزارة التفويض : وهي أن يستوزر الإمام
من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضائه على اجتهاده، وهي أجل الولايات بعد
الخلافة، قال الماوردي فهو ينظر في كل ما ينظر فيه الخليفة.
الضرب الثاني وزارة التنفيذ: والنظر فيها مقصور
على رأي الإمام وتدبيره، والوزير فيها واسطة بينه وبين الرعايا والولاة، يؤدى عنه
ما أمر، وينفذ ما ذكر، ويمضى ما حكم، ويجيز تقليد الولاة، وتجهيز الجيوش ونحو ذلك،
وربما عبر عن هذا الوزير بالوساطة، وقد أجاز الماوردي في هذا الوزير أن يكون ذميا،
وأنكره عليه إمام الحرمين).
وقال الماوردي في الأحكام السلطانية 1/44 (ويجوز
أن يكون هذا الوزير من أهل الذمة، وإن لم يجز أن يكون وزير التفويض
منهم).
وقد اشترط فيه الأمانة والكفاءة والنصيحة
للأمة..الخ
ووزير التفويض هو أشبه برئيس الوزراء في النظام
البرلماني، بينما وزير التنفيذ هو أشبه برئيس الوزراء في النظام الرئاسي، وقد أجاز
الماوردي في وزير التنفيذ أن يكون غير مسلم، وهذا الرأي وإن كان قولا مرجوحا في
الفقه، إلا إنه عند الحاجة يعمل به، كما إذا كان غير المسلمين في الدولة يمثلون
نسبة كبيرة كالنصف أو الثلث مثلا، ولا يتم تأليفهم إلا بمثل ذلك، لحماية الدولة من
الحروب والفتن، وتحقيق الاستقرار، وهذا أصل من أصول السياسة الشرعية.
وكذا ما دون ذلك من المناصب خاصة التي في مدن غير
المسلمين وقراهم، كالمحافظات والبلديات والوظائف فيها، فلهم الحق بتوليها، وقد عقد
النبي صلى الله عليه وسلم عهد الذمة ليوحنا بن رؤبة وهو أمير أيلة، وكانوا نصارى،
وتركهم على وظائفهم ولم يغير لهم شيئا.
ومثلها المناصب الدينية التي تعنى بشئونهم
الخاصة، كما جاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مع نصارى نجران (ولنجران ذمة الله
وذمة رسوله على دمائهم وأموالهم وملتهم وبيعهم ورهبانيتهم وأساقفتهم وكل ما تحت
أيديهم من قليل وكثير، وأن لا يغيروا أسقفا من سقيفاه، ولا واقها من وقيهاه، ولا
راهبا من رهبانيته، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فالنصف بينهم، على أن لا
يأكلوا الربا، وعليهم الجهد والنصح غير مظلومين، ولا معنوف عليهم).
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (غلظ
عليهم أكل الربا خاصة من بين المعاصي كلها، ولم يجعله لهم مباحا وهو يعلم أنهم
يركبون من المعاصي ما هو أعظم من ذلك من الشرك وشرب الخمر وغيره، دفعا عن المسلمين
وأن لا يبايعوهم به فيأكل المسلمون الربا، ولولا المسلمون ما كان أكل أولئك الربا
إلا كسائر ما هم فيه من المعاصي، بل الشرك أعظم).
والصحيح أنه منعهم من الربا خاصة لكونه محرما في
شريعتهم من جهة {وأكلهم الربا وقد نهوا عنه}، ولأنه ظلم للفقراء والمحتاجين منهم من
جهة أخرى، ولخطر الربا على الاقتصاد ودورة المال في المجتمع كله من جهة
ثالثة.
وقد فتح المسلمون مصر وتركوا شئون القبط كما هي
إلى المقوقس يسوسها كما كان قبل الفتح، وهو أشبه بالحكم الذاتي
والمحلي.
والمقصود أن السياسة الشرعية كما عرفها الفقهاء
هي كل فعل يكون الناس معه أقرب للصلاح والعدل وإن لم يأت به نص شرعي، فالسياسيون
إنما يراعون الواقع ويجتهدون في تنزيل الأحكام الشرعية حسب الإمكان بما يحقق العدل
والقسط، وقد قال تعالى {اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم}، {فبشر عبادي الذين
يستمعون القول فيتبعون أحسنه}، {فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا
بأحسنها}...الخ
والأحسن هنا يختلف بحسب أحوال المكلفين وظروفهم
والممكن لهم فربما كان أحسن ما يستطيعه قوم في زمان أو مكان، هو حسن عند آخرين وليس
بالأحسن، وقد جاء في الأثر ما يوضح ذلك في آخر الزمان، وأن (من تمسك بعشر ما يعلم
نجا )كما في مسند أحمد.
ج 5 : إن كانت الأمة في حال من الضعف لا تستطيع
معه إقامة (الخلافة الراشدة) على مستوى الأمة، ولا (الحكومة الراشدة) على مستوى
الأقطار، فالواجب حينئذ الإصلاح بحسب الإمكان، بإقامة ما يمكن إقامته من العدل
الجزئي، وتخفيف ما يمكن من الظلم والفساد، كما دعا إليه الشيخ المحدث الفقيه أحمد
شاكر رحمه الله، في رسالته (الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر التشريع في مصر) حيث
يقول عن العمل السياسي والإصلاح الجزئي (سيكون السبيل إلى ما نبغي من نصر الشريعة
السبيل الدستوري السلمي، أن نبث
في الأمة دعوتنا، ونجاهد فيها ونجاهر بها، ثم نصاولكم عليها في الانتخاب، ونحتكم فيها إلى
الأمة، فإذا وثقت الأمة بنا، ورضيت عن دعوتنا، واختارت أن تحكم بشريعتها، طاعة
لربها، وأرسلت منا نوابها للبرلمان، فسيكون سبيلنا وإياكم أن ترضوا بما يقضي به
الدستور، فتلقوا إلينا مقاليد الحكم كما تفعل كل الأحزاب، ثم نفي لقومنا بما
وعدناهم به من جعل القوانين كلها مستمدة من الكتاب
والسنة..).[3]
وكما قال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسيره
بشأن النظام الجمهوري وأنه أفضل من النظام الدكتاتوري إذا لم يمكن للأمة إقامة
النظام الإسلامي (ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة، قد يعلمون
بعضها, وقد لا يعلمون شيئا منها، وربما دفع عنهم، بسبب قبيلتهم، أو أهل وطنهم
الكفار، كما دفع الله عن شعيب رجم قومه بسبب رهطه، وأن هذه الروابط التي يحصل بها
الدفع عن الإسلام والمسلمين، لا بأس بالسعي فيها، بل ربما تعين ذلك، لأن الإصلاح
مطلوب على حسب القدرة والإمكان،فعلى هذا لو ساعد المسلمون الذين تحت ولاية الكفار،
وعملوا على جعل الولاية جمهورية يتمكنفيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية
والدنيوية، لكان أولى، من استسلامهم لدولةتقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية، وتحرص
على إبادتها، وجعلهم عمَلَةً وخَدَمًالهم.
نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين، وهم
الحكام، فهو المتعين، ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة، فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية
للدين والدنيا مقدمة)..
فالواجب الإصلاح بحسب الإمكان كما قال شعيب {إن
أريد إلا الإصلاح ما استطعت}، وكل من اجتهد وأراد الإصلاح سواء الإصلاح العام
الكلي(الخلافة الراشدة)، أو الخاص الكلي(الحكومة الراشدة)، أو الخاص الجزئي
(الإصلاح السياسي المحدود)، فهو مأجور على اجتهاده، وقد فعل الواجب بحقه والمقدور
له، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وتطبيق الشريعة ليس كما يتوهمه كثيرون بأنه هو
تنفيذ الحدود في الجرائم، فهذا جزء يسير من الشريعة، بل هو آخر أحكامها، إذ قبل ذلك
جاءت أحكام كثيرة لحفظ الحقوق وإقامة العدل ورفع الظلم، السياسي والاقتصادي
والاجتماعي، وهو المقصود الرئيسي للأحكام، فكل من اجتهد من الحكومات الراشدة التي
تختارها الأمة في تحقيق الإصلاح في شئون المجتمع والدولة لتحقيق الشوكة والقوة
للأمة، وتعزيز قدرتها، سياسيا واقتصاديا وعلميا وعسكريا، فقد قام بتطبيق
الشريعة..
والإسلام لا يظهر في الأرض إلا بعد تحقق التمكين
له {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف}، ولا
يتحقق التمكين إلا بالقوة والشوكة، ولهذا عرف الفقهاء دار الإسلام بأنها التي تكون
فيها الشوكة للمسلمين، إذ لا يتصور أن تكون لهم الشوكة والكلمة ولا يحكمون بالإسلام
وشرائعه، فوجب تحصيل الشوكة وتحقيق القوة للأمة والدولة بالعلوم والصناعة والتطوير
وتعزيز القوة الاقتصادية والعسكرية كما قال تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}،
إذ في ظل حال الضعف وعدم تحقق الشوكة للأمة وشعوبها في الداخل بتحررها من الاستبداد
الذي فرضه الأجنبي، وعدم تحقق الشوكة لدولهم بتحررها من النفوذ الخارجي، لا يمكن أن
تقيم الأمة أحكام الإسلام في الأرض، فوجب العمل بكل وسيلة لتحقيق نهضة الأمة ودولها
في كل المجالات السياسية والاقتصادية والصناعية والعلمية والعسكرية، إذ قوة الأمة
قوة للإسلام، وضعفها ضعف للإسلام، وليس العكس، فكانت العناية بهذه الأصول والكليات
من تطبيق الشريعة، وتحقيق غاياتها ومقاصدها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..
الأحد 25/9/2011م
[1] رواه الدارمي في السنن ح
رقم 257- أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا بقية حدثنى صفوان بن رستم عن عبد الرحمن بن
ميسرة عن تميم الدارى عن عمر. ورواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم رقم 244 من
طريق معاذ بن خالد عن بقية به وزاد (بن ميسرة عن أبي عبد الرحمن عن تميم)، وهو
إسناد شامي لا بأس به.
[2] انظر مقال د. فيصل القاسم
(أيتها الأقليات لا تقفوا في وجه الثورات).
[3] ص 28 - 35