بقلم د. حاكم المطيري
المنسق العام لمؤتمر الأمة
الخميس 27 شعبان 1432ه
الموافق 28 يوليو 2011م
الأخوة رؤساء تحرير الصحف السعودية (الوطن - الجزيرة - عكاظ - الرياض)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد..
فقد ورد اسمي فيما تم نشره في الصحافة السعودية الموقرة عن التحقيقات مع المتهمين في قضية (التنظيم السري) في المملكة العربية السعودية يوم الخميس 20 شعبان 1432ه 21 يوليو 2011م..
فأرجو نشر هذا البيان والشهادة لديكم مع شكري وتقديري ..
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسوله الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين..
وبعد ..
فإبراء للذمة وأداء للشهادة بعد ورود اسمي فيما تم نشره في الصحافة السعودية من تحقيق في قضية ما يسمى بـ(التنظيم السري) المنسوب إلى الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور سعود مختار الهاشمي، فأقول..
لقد اطلعت على ما تم نشره في هذه القضية مؤخرا، كما كنت أتابع ومنذ سنوات ملف هذه القضية وغيرها من قضايا حقوق الإنسان في دول الخليج العربي، بصفتي عضوا في مجلس أمناء (منظمة الكرامة) لحقوق الإنسان في جنيف، وعضوا مؤسسا في (المنظمة العربية للحريات والحكم الراشد) في جنيف، وعضوا في مجلس أمناء (الحملة العالمية لمقاومة العدوان)، وغيرها من المنظمات العربية والدولية التي تعنى بهذا الشأن الإنساني والسياسي في العالم العربي والإسلامي...
وقد كنت على اتصال دائم مع العلماء والمفكرين والحقوقيين في العالم العربي وعلى رأسهم علماء المملكة ومفكريها ومنهم الدكتور سعود مختار الهاشمي والذي هو عضو مؤسس في (الحملة العالمية لمقاومة العدوان) والتي يرأسها الشيخ سفر الحوالي حفظه الله، وقد انطلقت الحملة كعمل شعبي من المملكة العربية السعودية وبدعم من علمائها ودعاتها بعد احتلال العراق، وبموافقة رسمية كما أخبرنا بذلك عدد من المشايخ المؤسسين للحملة الذين زارونا في الكويت سنة 2005م وطلبوا المشاركة في تأسيس الحملة كعمل مؤسسي قانوني سلمي على مستوى العالم الإسلامي، حيث تم تسجيلها وترخيصها بعد ذلك في لبنان وسويسرا، وقد تم الإعلان عن الحملة، وعقد مؤتمرها التأسيسي الأول في الدوحة في مايو سنة 2006م، وشارك في تأسيسها أكثر من خمسمائة عالم ومفكر وحقوقي من كل أنحاء العالم العربي والإسلامي، وكانت مهمة الحملة حشد الطاقات لمواجهة العدوان الذي تتعرض له الأمة بالوسائل السلمية والقانونية، ومساعدة الشعوب المنكوبة بهذا العدوان، وقد تم اختياري بعد ذلك عضوا في مجلس أمناء الحملة، ثم أمينا عاما مساعدا فيها..
وقد كان للدكتور سعود مختار - وهو أحد أبرز مؤسسي الحملة - جهود مشكورة على المستوى الإعلامي والعمل الإغاثي الخيري لمساعدة الشعب العراقي والدفاع عنه وكشف جرائم الاحتلال آنذاك، وقد قام بالواجب الذي يمليه عليه دينه كداعية ومفكر إسلامي، وما يمليه عليه واجبه المهني الإنساني كطبيب يشاهد آلاف الضحايا المنكوبين في العراق على يد الاحتلال، وكعضو مؤسس في حملة عالمية حملت على عاتقها مهمة مساعدة الشعب العراقي المنكوب، وقد أبلى بلاء حسنا في ذلك كله..
وقد بادر الدكتور سعود مختار من أجل استنهاض الأمة للقيام بمسئولياتها بالدعوة إلى لقاءات مفتوحة في ديوانه في جدة مع علماء الأمة ومفكريها وقادة الرأي فيها، لكل من يأتي منهم للحج أو العمرة، وهو أمر طبيعي في بلد يتمتع بخصوصية ليست لغيره حيث أرض الحرمين الشريفين ومحج المسلمين ومهوى أفئدتهم من كل أقطار الأرض، مما يعد اللقاء بينهم لتدارس أحوال الأمة من أهم مقاصد زيارة الحرمين، وقد اشتهر ديوان الدكتور سعود باستضافته للكثير من قادة العالم الإسلامي من فلسطين والعراق والمغرب وغيرها من الدول، حيث تتم تسجيل محاضراتهم ونشرها في وسائل الإعلام المتاحة، وكانت الدعوة إلى اللقاءات المفتوحة تتم عبر مواقع الإنترنت قبلها بمدة، وكانت شهرة وصيت (ثلاثية ديوان سعود مختار) وما يجري فيها من ندوات قد بلغ الآفاق، مما ينفي عنها الطبيعة السرية المزعومة في التحقيقات..
وقد شرفت حين قدمت المملكة في رمضان سنة 1426ه - أكتوبر 2005م – وكنت حينها الأمين العام لحزب الأمة في الكويت - بدعوة كريمة من الدكتور سعود للاستضافة وإلقاء كلمة في ديوانه وفي لقاء مفتوح مسجل بالصوت والصورة عن الأزمة التي تعيشها الأمة وعن (الخطاب السياسي الراشدي) كمخرج من هذه الفتنة العامة، وتم تسجيل الكلمة وهي منشورة مشهورة..
وقد كان في ذلك اللقاء المفتوح عدد من المسئولين وكبار الشخصيات من جدة ومكة كما عرفته من التعريف بهم، ثم التقيت بعدها بالشيخ سفر الحوالي وغيره من علماء المملكة ودعاتها الأجلاء..
فهذا باختصار ما جرى آنذاك بيني وبين الدكتور سعود مختار، فلم يكن هناك لقاءات سرية ولا شبكة ولا أعمال إرهابية، ولا اتصالات خارجية، كما يفهم من العناوين المنشورة في الصحافة السعودية حول التحقيقات في تلك القضية، مما يسيء لمكانتي العلمية والعملية، السياسية والاجتماعية، كما يسيء للمملكة التي يفرض عليها واجب القيام بخدمة الحرمين الشريفين معرفة حق زوارهما، وأهمية إتاحة فرصة اللقاء بين علماء الأمة ومفكريها مع علماء الحرمين والمملكة ودعاتها، لا أن يصبح الاتصال شبهة وتهمة تروج في وسائل الإعلام في قضية كهذه القضية التي يفترض أن تكون وسام شرف على صدر المتهمين فيها لقيامهم بالواجب الشرعي تجاه أمتهم ودينهم ووطنهم، لا جريمة تتم محاكمتهم عليها!
إن ما يجري اليوم من محاكمة للدكتور سعود مختار ومن معه من العلماء الأخيار - والزج بأسماء قادة الرأي في العالم الإسلامي بقضية (التنظيم السري)، كالشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، والشيخ حارث الضاري أمين عام هيئة علماء المسلمين، والشيخ جاب الله، والدكتور عبد الله النفيسي وغيرهم، لمجرد استضافة الدكتور سعود لهم في ديوانه في لقاءات مفتوحة، وقت قدومهم للحج أو العمرة - تعد محاكمة سياسية تفتقد للأسس القانونية والأخلاقية للمحاكمات الجنائية شكلا وموضوعا..
كما إن جعل التواصل بين علماء المملكة ومفكريها وغيرهم من علماء الأمة شبهة وتهمة، ووصفها بأنها (اتصالات مع جهات خارجية)، واتهام من وقف مع الشعب العراقي في نكبته بالإرهاب، سيضر بسمعة المملكة ومكانتها الروحية لدى علماء الأمة وقادة الرأي فيها!
إن ما يجري في المملكة اليوم من اعتقالات ومحاكمات لقيادات العمل الإسلامي والسياسي يزيد من حالة الاحتقان السياسي داخليا، كما يسيء لمكانة المملكة خارجيا، في وقت تحتاج المملكة فيه إلى المصالحة الداخلية وتحقيق الإصلاح الذي يتطلع له الشعب في المملكة، كغيره من شعوب العالم العربي والإسلامي..
كما إنني أدعو - بصفتي المنسق العام لـ(مؤتمر الأمة) - حكومة المملكة العربية السعودية، في ظل هذه الظروف المأزومة التي تعيشها المنطقة العربية، إلى المبادرة إلى الإصلاح السياسي المنشود، وطي ملف هذه القضية التي تضر بسمعة المملكة والقضاء الشرعي فيها، أكثر مما تضر المتهمين، والمبادرة إلى إطلاق المتهمين في هذه القضية، وغيرهم من سجناء الرأي وهم بالآلاف، الذين تتحدث عنهم كافة المنظمات الحقوقية الدولية بتقاريرها الدورية، وما تذكره عن انتهاك حقوقهم الإنسانية، وتعرضهم للتعذيب، واعتقالهم تعسفيا دون تهمة، ودون وجود ضمانات عدلية، ومنع ذويهم ومحاميهم من الاتصال بهم، واعتقال بعضهم سنوات دون محاكمات، وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز الوهيبي الذي تفيد التقارير خطورة وضعه الصحي، والشيخ سعيد بن زعير وولديه الدكتور سعد بن زعير والدكتور مبارك بن زعير والدكتور موسى القرني والشيخ سليمان العلوان والشيخ خالد الراشد والشيخ المحامي سليمان الرشودي والكاتب المفكر خالد العمير وغيرهم من العلماء والدعاة والسياسيين وكان آخرهم الشيخ الداعية يوسف الأحمد..
هذا بالإضافة إلى منع كثيرين من أعمالهم وحرمانهم من وظائفهم وسحب جوازات سفرهم ومنعهم من التنقل كما جرى ويجري للشيخ سفر الحوالي وسلمان العودة والدكتور محمد العبد الكريم والدكتور المحامي وليد الماجد والشيخ محمد بن غانم والشيخ الدكتور المحدث أحمد بن سعد الغامدي وغيرهم من علماء المملكة ودعاتها الذين لهم مكانتهم في قلوب الملايين من المسلمين، وهم ممن تفخر بهم الأمة في العالمين العربي والإسلامي فضلا عن المملكة وشعبها الذي أنجب هؤلاء العلماء والدعاة والمفكرين، الذين أسهموا وما زالوا في الدعوة والفكر والإصلاح على مستوى الأمة كلها..
هذا ما وجب بيانه والشهادة به إبراء للذمة وأداء للشهادة {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}.
وأسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد، وأن يصلح ذات بينها، ويلم شملها، وأن يعيدها إلى دينها وسنة نبيها، وأن يمن على المملكة العربية السعودية وشعبها وسائر بلدان المسلمين بالأمن والوحدة والاستقرار وأن ينعم عليها بالحرية والعدل والازدهار..
والحمد لله رب العالمين ..