القاديانية الخليجية
والثالوث المحظور
(١٤ - ١٨)
بقلم: أ.د. حاكم
المطيري
١ / ٦/ ١٤٤٧هـ
٢٢ / ١١ / ٢٠٢٥م
تكاد رؤى الجماعات القاديانية الخليجية خاصة، والعربية عامة - مع ما بينها
من خلاف فكري - تتوافق مع رؤى دويلات الحملة الصليبية الوظيفية وسياساتها، فتعزز شرعيتها،
وتدين بالولاء المطلق لها، مهما روجت شعاراتها الدينية باسم السلفية، أو الصوفية، أو
الحركة الإسلامية، وتكاد كل جماعة منها تعيش بأتباعها عالمها الافتراضي والموازي الخاص
بها، والذي تسمح لها به الدول الوظيفية لتؤدي أدوارها المطلوبة منها، والتي تصل إلى
حد التناقض مع قطعيات الشريعة وعقائد أهل السنة والجماعة!
واستطاعت كل دولة وظيفية عبر وزارات الأوقاف فيها، والمعاهد الدينية،
والجامعات، ووزارات التعليم إعادة إنتاج دين هذه الجماعات وتدينها بما يخدم سياستها،
وسياسة الحملة الصليبية التي تحتل دولها وتتولى حمايتها!
ولعل الجامع المشترك بين كل الجماعات القاديانية الخليجية هو التزامها
بل إيمانها بالثالوث المحظور على العالم الإسلامي منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى
١٩١٨م واحتلال الحملة الصليبية له وإلغاء الخلافة العثمانية سنة ١٩٢٤، وهي الشروط الثلاثة
المعروفة بشروط كرزون - وزير خارجية بريطانيا الذي فرض هذه الشروط للصلح مع تركيا كما
ذكرها الحاج أمين الحسيني في مذكراته - حيث صار محظورا على شعوب العالم الإسلامي كله:
١- العمل السياسي لإعادة الخلافة الإسلامية، ووحدة الأمة.
٢- تحكيم الشريعة.
٣- إحياء مفهوم الجهاد في سبيل الله لتحرير أرض الإسلام من المحتل الأوربي.
وتكاد كل الجماعات القاديانية الخليجية والعربية والهندية على اختلاف
مدارسها تلتزم بما فرضته الحملة الصليبية على العالم الإسلامي بديلا عن هذا الثالوث
المحظور وهو:
١- الاعتراف بالدول الوظيفية تحت نفوذ الحملة الصليبية بديلا عن الخلافة،
وإضفاء الشرعية على واقعها السياسي والقانوني، واعتبار الدولة الوطنية والقومية هي
أرضيتها التي تقف عليها، والنظام الدولي الطاغوتي هو سقفها ومرجعيتها ومنه تستمد مشروعيتها.
٢- نفي وجوب الخلافة نظريا وفقهيا، ورفض الدعوة إليها عمليا وسياسيا،
واعتبار من يدعو إليها خارجيا أو متطرفا أو مثاليا حالما، ولهذا لا يكاد اسم الخلافة
- فضلا عن أحكامها - يذكر في أدبيات الجماعات القاديانية أو بين أتباعها!
وكذا نفي وجوب وحدة الأمة واتحادها! وأن الإسلام إنما جاء بمفهوم الأمة
الديني لا السياسي! واعتبار الخلافة مرحلة تاريخية لا أحكام سياسية شرعية! وادعاء أن
الأمة افترقت منذ قتل عثمان بن عفان إلى دول كثيرة! وتأويل كل النصوص التي أوجبت اجتماع
الأمة الواحدة، والخلافة الواحدة، وحمل تلك النصوص على وجوب اجتماع الشعب في كل دولة
على طاعة السلطة التي تسوسه وعدم افتراقه عنها! فإذا قامت الحملة الصليبية بتقسيم بلد
إسلامي إلى ثلاث دويلات أو أربع، وجب على الناس في هذه الدويلات الالتزام بالسلطة التي
تقيمها - نيابة عن الحملة الصليبية - والاجتماع عليها، وعدم الخروج عليها ولو من أجل
إعادة توحيدها!
فإذا أعادت الحملة الصليبية تقاسم وتقسيم المقسم، صارت كل دولة جديدة
أمة، وجماعة، ورئيسها إماما شرعيا!
٣- نفي وجود دار الإسلام نظريا وفقهيا، ونفي الأحكام التي توجب على المسلمين
الدفاع عنها كلها.
وكان أبرز ملامح التاريخ المشترك بين كل الجماعات القاديانية الخليجية
والعربية على اختلاف توجهاتها الفكرية عدم مشاركتها في أي جهاد ضد المحتل الأمريكي
خاصة والأوربي الغربي عامة دون الروسي!
وتحاشيها المشاركة في أي مقاومة إلا وفق قرار من الأمم المتحدة بأنه حق
مشروع لشعبها ولهذا تدعم هذه الجماعات المقاومة في فلسطين على حدود ١٩٦٧ دون أرض فلسطين
المحتلة سنة ١٩٤٨ التزاما بقرارات الأمم المتحدة!
وفي الوقت الذي التزمت "القاديانية الهندية" بمبدأ المسالمة
مع المحتل البريطاني في الهند، فلا ترى الجهاد أصلا، بل ترى الإسلام دين سلام فقط،
تجاوزت القاديانية الخليجية مسالمة الحملة الصليبية إلى استباحة قتال المسلمين معها،
وشن الحروب على الأمة وشعوبها تحت شعار مكافحة الإرهاب! كما نعى ابن تيمية في جامع
المسائل (٧/ ٢١٣) على أسلافهم الذين :(يرجون في دولة الكفار ظهور كلمتهم، وقيام دعوتهم
ما لا يرجونه في دولة المسلمين، فهم أبدا يختارون ظهور كلمة الكفار.. وهم دائما مع
اليهود والنصارى أو المشركين. فكيف مثل هؤلاء ولاة على المسلمين)!
وتم توظيف حتى الجماعات السلفية كميليشيات للقتال في ليبيا ضد شعبها،
وفي اليمن وغيرها، وصدرت الفتاوى من شيوخها بوجوبه، مع أنه يصطدم بأصل من أصول أهل
السنة وهو عدم القتال في الفتن بين المسلمين، بينما تمتنع الجماعات ذاتها عن المشاركة
في جهاد العدو المحتل الصهيوني في فلسطين، والأمريكي الأوربي سابقا في أفغانستان والعراق!
فالقتال المشروع عندها هو فقط ما تأذن به الحملة الصليبية ودويلاتها الوظيفية
وفق قرارات الشرعية الدولية!