القاديانية الخليجية
وبراءة السنة والسلفية
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
٢٢ / ٤/ ١٤٤٧هـ
١٤ / ١٠ / ٢٠٢٥م
على خطى القاديانية الهندية -التي ولدت وترعرعت في أحضان الاستعمار البريطاني
لمواجهة ثورة المسلمين في الهند بصناعة دين جديد لا جهاد فيه ولا مقاومة للاحتلال-
بدأت القاديانية في الخليج وجزيرة العرب -برعاية المحتل الأمريكي منذ مشروع كلينتون
تجفيف المنابع ١٩٩٢م- تصرح بعقيدتها ومنها:
١- نفي الارتباط بين توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له وتوحيده في طاعته
وحكمه وإقامة شرعه والجهاد في سبيله!
وقد رد عليهم الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة العربية السعودية الأسبق
في "رسالة تحكيم القوانين" التي تنقض دعواهم الشيطانية هذه فقال كما في
"مجموع الفتاوى" له: (وتحكيم شرع الله وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله
وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن الله هو المعبود وحده لا شريك له، وأن يكون
رسوله هو المتبع المحكم ما جاء به فقط، ولا جُردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك، والقيام
به فعلاً وتركاً وتحكيماً عند النزاع).
وكذا رد عليهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره "أضواء البيان"
فقال (فالإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته، قال في حكمه: {ولا يشرك في حكمه
أحدا}. وفي قراءة ابن عامر من السبعة {ولا تشرك في حكمه أحدا} بصيغة النهي. وقال في
الإشراك به في عبادته: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة
ربه أحدا} فالأمران سواء).
ورد عليهم ابن باز في رسالة "نقد القومية" فقال: (وكل دولة
لا تحكم بشرع الله، ولا تنصاع لحكم الله، فهي دولة جاهلية كافرة ظالمة فاسقة بنص هذه
الآيات المحكمات، يجب على أهل الإسلام بغضها ومعاداتها في الله، وتحرم عليهم مودتها
وموالاتها حتى تؤمن بالله وحده وتحكم شريعته).
٢- وترى القاديانية وجوب طاعة كل سلطان وإن كان طاغوتا كافرا ! فيكون
بلال وعمار وصهيب قد عصوا ولاة أمرهم بمكة! وقد نص ابن القيم في "إعلام الموقعين"
على أن التحاكم عبادة يجب توحيد الله بها فقال: (من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء عن
الرسول فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليه، وقد أمرنا سبحانه باجتناب الطاغوت قال سبحانه:
﴿والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها﴾، فالاحتكام إلى شريعة الطاغوت هو نوع من أنواع
العبادة).
٣- وكان علماء السلفية -كما في الرسائل النجدية- يفتون بردة من دخل تحت
حماية الإنجليز أو أعان الكفار على قتال المسلمين ويرونه من نواقض الإسلام بينما ترى
القاديانية من يلتزم بهذه الفتوى خارجي ضال!
٤- وتنفي القاديانية الخليجية - مع قلة دعاتها وأتباعها في الخليج وإن
فتحت لهم كل المنابر - ضرورة الدولة والخلافة والقتال في سبيل الله لظهور الإسلام وإقامة
الأحكام!
بينما التمكين بنص القرآن وهو الاستخلاف في الأرض من أجل توحيد الله وعبادته
وحده لا شريك له فقال تعالى: ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة..﴾ وقال: ﴿وعد
الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض.. وليمكنن لهم دينهم الذي
ارتضى لهم .. يعبدونني لا يشركون بي شيئا﴾ ومن ذلك طاعته وحده لا شريك له والحكم بالوحي
الذي أنزله وهو حقيقة الظهور للإسلام على الدين كله ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين
الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾..
٥- وترى القاديانية أن الدنيا دار اختبار قد يتحقق فيها التوحيد -وهو
المقصود الرئيس من الرسالة كما جاء بها النبيﷺ واكتملت في المدينة بعد قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾- بلا دولة ولا خلافة ولا تمكين للمؤمنين ولا سلطان ولا
جهاد في سبيل الله!
وأن شرط التمكين بالاستخلاف لظهور الإسلام على الدين كله بدعة سياسية
-بزعم القاديانية الخليجية- مما ابتدعه المعاصرون!
وكأن الهجرة إلى الحبشة ثم وجوب الهجرة إلى المدينة وإقامة الدولة النبوية
والبيعة على السمع والطاعة وقتال المشركين كافة واستخلاف أبي بكر وعمر ليس من الدين
ولا من أجل إقامة التوحيد!
وأنه بالإمكان أن يبقى النبي ﷺ في مكة قبل الهجرة بلا دولة ولا طاعة ولا اتباع ويتحقق الدين والتوحيد
الذي أوحى الله به إليه ومنه قوله تعالى في سورة الشورى المكية: ﴿وما اختلفتم فيه من
شيء فحكمه إلى الله﴾ وحده، وقوله فيها: ﴿وأمرت لأعدل بينكم﴾!
٦- وترى بأن الأنبياء جميعا كانوا على الإسلام ولم يقيموا دولة فلا تكون
إقامة الدولة والخلافة ضرورة في الإسلام!
فيلزم منه أنه يسع أمة محمد ﷺ أن تتبع شرائع من قبله من الأنبياء مع أن شريعته ناسخة لها فهي أكمل الشرائع،
والتوحيد فيها أكمل معاني التوحيد ..
وقد قال القرطبي: (الإمامة ركن من أركان الدين)، وقال ابن تيمية في
"السياسة الشرعية": (إن ولاية أمر الناس من أعظم الواجبات، بل لا قيام للدين
إلا بها)!
فلا قيام للدين عند ابن تيمية بلا دولة تحكم بالإسلام، ولا ولاية شرعية
بلا إقامة للدين!