حين تبكي النساء!
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة
١٦ / ٣ / ١٤٤٧هـ
٨ / ٩/ ٢٠٢٥م
كيف تتحرر غزة ومن يبكي عليها يشارك في حصارها وقتل شعبها ويرفض هدم هذا
السجن العربي الكبير الذي حفر العدو الدولي خلف أسواره أخدود حرقها، وضرب الطوق من
خلاله على شعبها لإبادة أهلها، وحال بين الأمة ونصرتها وإغاثتها حتى لم يعد لدى
٤٥٠ مليون عربي إلا البكاء عليها كما تبكي النساء!
كيف تخرج الأمة وشعوبها من هذا التيه الذي تعيشه منذ قرن كامل ومنذ احتلت
الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية الأمريكية القدس سنة ١٩١٧م وما تزال هذه النخب
السياسية والفكرية العربية والجماعات الإسلامية الوظيفية التي تبكي على غزة اليوم بالبيانات
والمظاهرات لا ترى أصلا هذه الحملة الصليبية الاستعمارية ولا ترى الاحتلال الأمريكي
الأوربي للعالم العربي منذ الحرب العالمية الأولى والذي يحمي بأساطيله وقواعده المحتل
الصهيوني منذ ١٩٤٧م كما يحمي أيضا توأمه النظام العربي الوظيفي!
وتتعامى هذه النخب عن العدو الحقيقي الذي يشن الحرب على غزة حيث يتوعد
ترامب أهلها وهم يحرقون بالإنذار الأخير لتحصر هذه النخب المعركة مع نتنياهو وتل أبيب
وليس مع ترامب وواشنطن!
بل لا ترى هذه النخب المخذولة في قواعد الحملة الصليبية العسكرية الممتدة
من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي خطرا على سيادة دولها وأمن شعوبها وهي تشن الحرب
على غزة منها!
كيف تتحرر غزة والإعلام العربي والإسلامي الوظيفي ومشاهيره في وسائل التواصل
مشغولون بالاحتفاء براقصة هولندية ترفع العلم الفلسطيني نصرة لغزة! وبلاعب فرنسي هتف
لغزة! وبعجوز إيطالية أضربت عن الطعام لأجل غزة!
بل وترى ذلك بعض إيجابيات المعركة وأن الغرب الكافر بدأ يتعاطف مع غزة
وأهلها! وأن الناس هناك يدخلون في الإسلام أفواجا! وأنه يجب أن تبقى قضية غزة قضية
إنسانية لا قضية إسلامية حتى يتعاطف معها العالم الكافر!
ولو فعل الأفغان الأبطال ما يفعله بعض العرب الأنذال لما تحررت أفغانستان
ولو بعد مئة عام!
إن هذا المسخ الخداج المسمى نخبا سياسية وفكرية وجماعات إسلامية هي جزء
من هذا السجن العربي الكبير الذي أقامته الحملة الصليبية لشعوب العالم العربي، وجعلت
من حكوماته حرسا عليه، وجعلت من نخبه وجماعاته وعلمائه ودعاته أبواقا لها، فمهما ملأت
هذه النخب الجو ضجيجا وتنديدا وصراخا ووعيدا؛ فهي أول من يرفض تغيير هذه الحكومات الوظيفية،
فضلا عن هدم السجن الكبير وتحرير ٤٥٠ مليون عربي هم عبيد بالأغلال منذ مئة عام في قبضة
طغاتهم الأرذال!
ولن تتحرر غزة فضلا عن القدس ما لم يتحرر العالم العربي من الحملة الصليبية
ودولها وجماعاتها ونخبها الوظيفية!