رسالة إلى أهل الشام
﴿إنما المؤمنون إخوة
فأصلحوا بين أخويكم﴾
بقلم: أ. د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة
٢٨ / ٢/ ١٤٤٧ هـ
٢٢ / ٨ / ٢٠٢٥م
الحمد الله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على
نبينا الهادي الأمين، وبعد..
يواجه الشعب السوري، كما الشعب الفلسطيني، عدوان المحتل الصهيوني الغاشم
عليه وعلى أرضه وسيادته، في ظل عجز العالم العربي والإسلامي عن كف هذا العدو الذي يقف
خلفه المحتل الأمريكي الأوربي بكل جيوشه وجبروته..
وقيادات كلا الشعبين في دمشق وغزة تتفاوض معه كل على حدة لوقف هذه العدوان،
فالواجب شرعا اتحاد كلمة أهل الشام كافة، وخوض الصراع مع هذا العدو صفا واحدا، والتفاوض
معه شعبا واحدا، كما أمر الله ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾، وقال سبحانه:
﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص﴾، فإن تعذر ذلك -كما هو
حال الأمة وشعوبها منذ استبدالها الوطنية والقومية الجاهلية بالإسلام والأمة الواحدة
وتفرقها وسقوطها وإلغاء خلافتها سنة ١٩٢٤م- فالواجب اجتهاد أهل كل بلد في دفع العدوان
عن أنفسهم وأرضهم ما استطاعوا، وأن يراعوا في تفاوضهم مع العدو تحقيق مصلحة كلا الشعبين،
فإن تعذر فيحرم إضرار أحدهما بالآخر، كما يحرم إثارة الفتن بينهما، وإثارة أسباب الشقاق
والتنازع والافتراق، كما قال تعالى: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾، وكل من سعى
في ذلك؛ فقد دخل في عموم من ذمهم الله ووصفهم في قوله: ﴿يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون
لهم﴾..
وعلى أهل العلم والفضل والقلم والرأي في الأمة أن يسعوا في جمع كلمة قادة
كلا الشعبين، ووحدة صف مجاهدي كلا البلدين، وإصلاح ذات بينهم..
كما يجب على الأمة وشعوبها وعلمائها الوقوف مع كلا الشعبينِ المجاهدينِ
سواء في حال الحرب أو حال التفاوض، وألا يفتوا من عضد قادتهم، ويضعفوا من قوتهم، بإثارة
الفتن في صفوفهم، والإرجاف فيهم، وهز ثقتهم بقياداتهم -وهم أحوج ما يكونون لمؤازرة
أمتهم لهم، ووقوف شعوبهم معهم وخلفهم لدفع العدوان عنها وانتزاع حقوقها من عدوها سواء
بالقتال أو التفاوض- فكل ذلك الإرجاف مما نهى الله عنه ﴿وإذا جاءهم أمر من الأمن أو
الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم
ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا﴾.
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا يوحد صفا، ويرأب صدعا، ويصلح
خللا، ولا يثر شرا، فيفتق خرقا، ويفرق شملا، فما زالت دماء أهل الشام في فلسطين وسوريا
لم تجف، وما زال العدو الصهيوني يشن حربه عليهم، ومن ورائه العدو الدولي يتربص الدوائر
بهم، وقادتهم أدرى بواقعهم، وما يحقق مصلحتهم، وإنما على الأمة من ورائهم نصحهم ونصرتهم
ومؤازرتهم سواء حاربوا، أو فاوضوا..
فاللهم عجل نصرهم، وفرج كربهم، ووحد كلمتهم، وأصلح ذات بينهم..
وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..