وداعا أيها الصدّيق
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
17/ 8/ 1446هـ
16/ 2/ 2025م
نعزي أهل السودان
عامة وأهل العلم خاصة بوفاة شيخنا المحدث الدكتور يوسف محمد صديق -رحمه الله ورفع درجته-
وقد كان من أوائل الأساتذة الذين درّسوا في كلية الشريعة بجامعة الكويت منذ افتتاحها
سنة ١٤٠٢/ ١٩٨٢ وكان فيها مدرسا هو وشيخه د.محمود الطحان، وشيخ الطحان: د.فوزي فيض
الله، وشيخ فوزي: د.زكي شعبان!
فاجتمع في الكلية
آنذاك خمسة أجيال علمية كل جيل تتلمذ على الذي قبله!
وكان رحمه الله
على أدب جم وسعة صدر وحلم وخلق كريم وعقل وافر وفصاحة لسان وطلاقة وجه وعلم متين وغيرة
على الدين وحرص على السنة لا يتكلم إلا بخير ولا يحب الظهور ولا الشهرة مع توفر كل
أسبابها له، وقد أحب الطلبة وأحبوه، وقد وضع الله له القبول فلا يراه أحد إلا أحبه
في الله، وكان مربيا يغرس في نفوس الطلبة الأدب والخلق قبل العلم والمعرفة..
وقد درسنا عليه
في الكلية ١٩٨٤ - ١٩٨٨م مصطلح الحديث وقرأنا عليه من صحيح مسلم بشرح النووي كتبا عديدة
وكان يختبر الطلبة بإيراد الحديث الغريب فيعترضه بعضهم فينكرون الحديث لعدم سماعهم
له من قبل ثم يوقفهم على مصادره وصحته ليتعلموا التؤدة والتأني وعدم الاستعجال في إصدار
الأحكام قبل التثبت وله في ذلك قصص كثيرة..
وقد ظل في الكويت
إلى سنة ١٩٩٠ ثم انتقل إلى مكة المكرمة ودرس في جامعة أم القرى وكنت أزوره رحمه الله
وقد عرضت عليه سنة ١٩٩٤ بحثي (أثر فيه نظر) فقرأه وأعجبه وكتب عليه أجيز نشره واستجزته
فأجازني في الكتب الستة وغيرها وكان قد قرأها على شيخه محمد المختار الشنقيطي رحمه
الله في المسجد النبوي وكان درس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية حين افتتاحها
وتخرج منها ثم أكمل الماجستير والدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض..
وكان قد قضى جل
حياته بين المدينة ومكة ولعله كان يرجو الوفاة فيها ثم تقاعد سنة ٢٠٠٩ وعاد إلى السودان
فقدر الله له الوفاة بمصر مهاجرا مريضا بعد اندلاع الحرب الأخيرة في السودان وتوفي
يوم الجمعة ٨ شعبان ١٤٤٦هـ الموافق ٧ فبراير ٢٠٢٥م، ودفن في القاهرة وله ٧٣ سنة.
فرحمه الله رحمة
واسعة ورفع درجته في الصالحين وأحسن عزاء أهله فيه وذويه ومحبيه..