عصر الردة!
كيف استخفّ المبطلون بأعظم شعائر الإسلام وهي الصلوات الخمس وصلاة الجمعة؛
فجعلوا أخذ اللقاح شرطا لحضورها مع النص القرآني القطعي بوجوبها على كل قادر؛ كما قال
تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْع َذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ
تَعْلَمُون﴾!
فأباح المبطلون البيع واللهو وقت الجمعة، ومنعوا الناس من شهود الصلاة!
وما الذي يجعل المصلين والأئمة يستجدون بكل استخذاء وهوان وزارات الأوقاف
للسماح لهم بأداء عباداتهم وشعائر دينهم في مساجدهم لدقائق بينما يمارس الرياضيون في
نواديهم واللاهون في مسارحهم ومراقصهم أنشطتهم لساعات دون خوف ولا استجداء!
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجـــرحٍ بميتٍ إيـــــلامُ!
حتى وصل الحال أن دعت روابط الأئمة في الدول العربية وزارات الأوقاف بعودة
نشاط المساجد وتراص المصلين أسوة بالمراقص!
وصدق ﷺ: (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا
ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا)
وروى مالك في الموطأ: (أن عمر كتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة،
فمن حفظها وحافظ عليها؛ حفظ دينه، ومن ضيعها؛ فهو لما سواها أضيع)!
فأي إضاعة لها وللدين أعظم من إغلاق المساجد، ومنع المسلمين من صلواتهم
فيها حتى الأصحاء منهم، ومنع إقامتها على هيئتها المشروعة لها؛ اتباعا لخطوات الشيطان!
وكلما استيقظ وعي الأمة وضميرها تجاه مساجدها وما يراد بدينها ورأت بأم
عينها الردة التي تدعى إليها؛ تصدى لها دعاة وشيوخ دين وجماعات الممنهجة وظيفية يعتذرون
بالفتوى، ويبحثون عن مخارج فقهية لورطة المساجد؛ ويتعامون في الوقت ذاته عن حقيقة الحرب
والمبرمجة للقضاء على الإسلام في مهده وأرضه!
وإن كل من يحاول تبرير ما جرى ويجري للمساجد أو الاعتذار له بوجود وباء
أو وجود فتوى ويصر على الفتوى بوجوب التباعد بين المصلين في المساجد وبمنع غير المطعمين
من دخولها ودخول الحرمين، وهو يرى ما يجري في المراقص والنوادي من اختلاط مئات الآلاف
فيها، وبعد ما تبين لكل ذي عقل ودين بأن ما تتعرض له المساجد خارج عن المشروع والمعقول،
ولا علاقة له بوباء كورونا الذي يُتخذ ذريعة لفرض مشروع التغريب على المنطقة العربية
كلها بتقييد نشاط المساجد آخر حصون التوحيد فيها وتهميش دورها وفتحها أمام موجة الوثنية
والصليبية والإباحية؛ فليس أهلا للفتوى؛ لفقده الأهلية العقلية، وهو دجال أشر يستعاذ
بالله من فتنته سواء كان عالما أو داعية! وكما قال ﷺ: (غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال: الأئمة المضلين)!
فمن يشرف اليوم على تعطيل شعائر الإسلام وتحريف أحكامه، ونقض عراه ابتداء
من الخلافة، والحكم، وانتهاء بالصلاة؛ ليس فقط العلمانيون واللادينيون، بل والإسلاميون
وشيوخ الدين؛ كما حذر النبي ﷺ: (لتتبعن
سنن من كان قبلكم اليهود والنصارى) وقال ﷺ: (لتنقض عرى الإسلام عروة عروة أولها الحكم وآخرها الصلاة)!
وقد صدرت ثلاثة آراء دينية خلال قرن واحد في ظل الحملة الصليبية نقضت من
الإسلام أصله وفرعه:
1- القول بأنه لا خلافة ولا نظام سياسيا وقضائيا في الإسلام؛ لشرعنة حكم
الجاهلية وتعطيل الشريعة!
2- وبأنه لا دار للإسلام؛ لشرعنة إخضاعها للنظام الدولي!
3- وإغلاق المساجد للمصلحة؛ لتعطيل الشعائر!
وواجهت الأمة وشعوبها
الحملة الصليبية في الحرب العالمية الأولى، فانهزمت؛ فسقطت خلافتها!
وواجهت الأمة أنظمتها
الطاغوتية بعد الحرب العالمية الثانية، فانهزمت؛ فألغيت شريعتها!
وتواجه الأمة بعد
كورونا الجماعات الدينية الوظيفية؛ دفاعا عن مساجدها وآخر ما بقي من عرى دينها، فإن
انهزمت؛ ذهب دينها!
سبتمبر – أكتوبر 2021