وانتصرت المبدئية!
بقلم أ.د. حاكم المطيري
7/ 1/ 1443
15/ 8/ 2021
"لقد خسرت طالبان السلطة إيمانا بالمثل والقيم، وربحت القضية والموقف،
وهذه المثالية هي السبب ذاته الذي جعلها اليوم الرقم الصعب في المعادلة السياسية في
أفغانستان بل في المنطقة كلها، وهو الذي سيعيدها للسلطة أشد ما كانت قوة"
هذا ما توقعتُه لحركة طالبان سنة ٢٠١٠ في مقالي (الحركات الإصلاحية بين
الواقعية والمثالية) وفي كتابي (نحو وعي سياسي راشد)!
وأنها ستعود للسلطة أقوى منها يوم تركتها تمسكا بمبادئها! وقد جعلها ربي
اليوم حقا!
عشرون عاما من الدماء والدموع والآلام والآمال ما بين دخول المحتل الأمريكي
قندهار ٢٠٠١ وخروج الملا عمر منها إلى الجبال، وإعلان علماء أفغانستان الجهاد ثم عودة
حركة طالبان لها ٢٠٢١م، لتعود حرة مرة أخرى يغني أبطالها نشيد النصر!
وطالبان ليست طارئة على السلطة وإدارة الدولة، فقد كانت هي الحكومة الأفغانية
من ١٩٩٦ إلى ٢٠٠١ كما أنها ليست طارئة على الجهاد، فقد كان قادتها ممن شاركوا في حرب
تحرير أفغانستان من المحتل الروسي، وهي منذ ٢٠ سنة تقاتل المحتل الأمريكي، فالنصر استحقاق
طبيعي، والانسحاب الأمريكي هزيمة حتمية!
ولو كان أمام المحتل الأمريكي والحملة الصليبية في أفغانستان فرصة لتجنب
هذه الهزيمة المخزية والظهور بهذا المظهر المذل أمام القوى الدولية المناوئة لأمريكا
فضلا عن الحليفة، لما فرط فيها بايدن إلا أنه لم يكن أمامه إلا الانسحاب مرغما على
أمل أن تكون الأمم المتحدة وسيلة التأثير عن بُعد!
والرسالة الأهم التي أرسلها الأفغان بقيادة حركة طالبان لشعوب العالم
الإسلامي أن هزيمة المحتل الأمريكي والحملة الصليبية ممكنة مهما تفوق بعدده وعتاده
وأسلحته وأن الأرض تقاتل مع أحرارها وثوارها وأن النصر مع الصبر وأن وحدة الصف شرط
للظفر وأنه لا ديمقراطية ولا حرية في الأنظمة الوظيفية!
فأي درس للأمة وشعوبها كلها أعظم من أن يهزم شعب مسلم واحد وهو الشعب الأفغاني
أكبر قوتين عالميتين في جيل واحد ففاتل المحتل الروسي والاتحاد السوفيتي من ١٩٧٩حتى
هزمه ١٩٨٩ ثم قاتل المحتل الأمريكي والنيتو من ٢٠٠١ حتى هزمه ٢٠٢١ فليس غير الجهاد
في سبيل الله طريق للنصر والتحرير والسيادة!