تعطيل الصلوات .. أوضح خطوات الشيطان!
بقلم
أ.د. حاكم المطيري
كلية
الشريعة - قسم التفسير والحديث
4/
3/ 1442هـ - 21/ 10/ 2020م
حين يستشكل فقيه حكم إغلاق المساجد وتعطيل الصلوات وأنها أوضح خطوات الشيطان
لا يكون البحث معه في أصول الفقه، بل في أصول الدين وحقيقة الإيمان والإسلام ومعنى
إقامة الدين ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾[الشورى:13]، ومعنى ﴿أَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ
تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِين﴾[الروم:31] وحقيقة إقامتها، وما شرع من الأحكام
لتتحقق إقامتها، ابتداء من بناء المساجد لها، والأذان والدعوة إليها، وإيجاب
الجماعة فيها، وقتال من امتنع عن إقامتها ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ
وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ﴾[التوبة:5]، وكما قال ﷺ عن قتال أئمة الجور والخروج عليهم حين سئل: (أفلا ننابذهم السيف؟ قال:
لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)، وانتهاء برص الصفوف لإقامتها، كما في الصحيحين (سووا صفوفكم،
فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة)!
والبحث في كيف شُرع القتال
والموت في سبيل الله لإقامة الدين والصلاة وحفظ الحياة الحقيقية الأخروية فلا
يتصور تعطيل الصلاة لحفظ الحياة الدنيوية!
والبحث معه في حقيقة الوجود والموت والحياة ومعنى ﴿خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾[الملك:2] وأن الموت في سبيل الله هو الحياة
الحقيقية، فلا يتصور تعطيل دينه وأعظم أركانه وهي الصلوات الخمس في المساجد خوف المرض!
أو تعطيل الجهاد في سبيله خوف الموت وفوت الحياة الدنيا وهو الذي أوجب ذلك وأخبر عن
حقيقة الحياة ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا
بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون﴾[آل عمران:169- 170]!
والبحث معه في حقيقة الشيطان وعداوته للإنسان ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ
عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ
السَّعِير﴾[فاطر:6] ومعرفة خطواته وأن غايته الصد عن الصلوات ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ
عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُون﴾[المائدة:91]!
ومعرفة حزبه وأوليائه الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ﴿إِنَّمَا
ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِين﴾[آل عمران:175]! وأن حزب الشيطان وأعظم أوليائه هم المشركون والكفار من
أهل الكتاب والمنافقون ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ
أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُون﴾[المجادلة:19]!
وأن جهادهم هو جهاد للشيطان والطاغوت نفسه ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ
فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ
أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾[النساء:76]!
والبحث معه في حقيقة الصراط المستقيم نفسه الذي يوصل إلى الله الذي افتتح
القرآن بالدعوة إليه ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ
عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين﴾[الفاتحة:6 - 7]!
ومَن الذين هداهم الله وأنعم عليهم باتباع صراطه المستقيم ووجب علينا اتباعهم
وما أبرز صفاتهم؟ وعلاقة ذلك بالمساجد
﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى
أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِين﴾[التوبة:18]!
﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ
لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال. رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ
عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا
تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَار﴾[النور:36 - 37]!
ومعرفة من المغضوب عليهم؟ ومن الضالون؟ وما سبيلهم الذي يجب الحذر منه
﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾[الأنعام:153]
ومعرفة حقيقة وعد الشيطان وتخويفه الإنسان من الجهاد والإنفاق في سبيل
الله خوف الموت والفقر ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء
وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم. يُؤتِي
الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَاب﴾[البقرة:268 - 269]!
فمن لم يحط علما بأصل الدين وغايته وبالكتاب وهدايته لن يؤتى الحكمة نفسها
التي بعث بها النبي ﷺ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد!
ولن يعرف حقيقة التزكية والحكمة التي بعث بها هذا النبي ﷺ التي ضل عنها أهل الكتاب وعلماؤهم والتي أوجب الله الصلوات والجمعة والجماعة
لتحقيقها، كما فصلت ذلك سورة الجمعة كلها بأوضح بيان وأفصح لسان ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ
فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ
مُّبِين﴾.. ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ
الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ
اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾.. ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي
تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون﴾!