سوريا ومذبحة القرن!
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
٢٩ /١٠/ ١٤٤٤هـ
١٩/ ٥/ ٢٠٢٣م
ما كانت مأساة الشعب السوري لتتكرر ثلاث مرات في قرن واحد، لو قرأ تاريخه
القريب، وأدرك طبيعة الحملة الصليبية التي تحتل أرضه منذ احتل الجنرال البريطاني أدموند
اللنبي دمشق بالتجريدة المصرية الحجازية ثم سلمها للجنرال الفرنسي غورو، وكيف واجه
المحتل الفرنسي ثورته الكبرى من ١٩٢٠ إلى ١٩٢٧ بالتعاون مع بريطانيا وحكوماتها الوظيفية
في مصر والعراق والأردن وجزيرة العرب، وكيف فتحوا الطريق لخروج من بقي من ثوار سوريا
إلى النبق والكرك ووادي السرحان شمال السعودية في حماية إخوانهم العرب! وحصارهم مع
آلاف الفارين بأطفالهم ونسائهم حتى قطع عنهم الطعام، وفتك بهم الجوع والمرض؛ ليعودوا
خاضعين من جديد للاحتلال الفرنسي بعد أن استعادت فرنسا سيطرتها على سوريا!
وكيف راهن السوريون سنة ١٩٢٢م على أمريكا
ولجنة كراين الدولية لحل قضيتهم؛ تماما كما يفعل اليوم المرابطون منهم في واشنطن
لإقناع الكونغرس بجرائم بشار!
وهو ما حدث للقضية الفلسطينية وما جرى للشعب الفلسطيني من قتل وتهجير
وما رتب في دهاليز النظام الدولي (عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة) من مفاوضات وما صدر
من قرارات كانت في النهاية لصالح المحتل الصهيوني مما يؤكد بأن ما يحدث في سوريا
هو امتداد لما حدث في فلسطين منذ احتلالهما في الحرب العالمية الأولى من قبل
الحملة الصليبية (بريطانيا وفرنسا) وكان الدور العربي في حقيقته هو الأداة التي
وظفها العدو في تنفيذ مشروعه سواء ما قام به الشريف حسين من المشاركة في الحرب
ودخول ابنه فيصل دمشق سنة ١٩١٧م بين يدي قوات الجنرال أدموند اللنبي وتحت قيادته
أو ما قام به أخوه عبدالله ومشاركته في حصار ثورة الشعبين السوري ثم الفلسطيني مع
باقي الأنظمة العربية التي وعدت بتهدئة الثورتين وكانت النتيجة ترسيخ الاحتلالين!
وما زال المشهد في سوريا وفلسطين كما هو بعد مئة عام! وما زالت
أساليب القوى الدولية هي هي! وما زال دور النظام العربي الوظيفي كما هو! وما زال
الشعبان السوري والفلسطيني لم يستوعبا طبيعة الصراع وأن العدو الحقيقي الذي يحتل
الشام كلها بل المشرق العربي إلى اليوم هو الحملة الصليبية وما إسرائيل إلا قاعدة
متقدمة لخدمة هذه الحملة!
ولو استحضر الشعب السوري ذلك كله لما تفاجأ بعد مئة عام بتكرر المشهد
نفسه، وما يجري من إعادة تأهيل نظام بشار بعد قتل مليون سوري وتهجير ١٠ مليون
-لخدمة الحملة الصليبية المشتركة التي تحتل الشام كله سواء الروسية التي تحتل
مناطق الساحل أو الأمريكية التي تحتل مناطق الداخل- كما جرى تأهيل أبيه من قبل بعد
مذبحة حماة ودك المخيمات الفلسطينية في لبنان ١٩٨٢م ليصبح بعدها قائد محور
المقاومة!
هذا في الوقت الذي استطاع الشعب الأفغاني وفي الفترة نفسها تحرير أرضه
ثلاث مرات من المحتل البريطاني ١٩١٩ ثم المحتل الروسي ١٩٨٩ ثم المحتل الأمريكي
٢٠٢٢م!
دون أن يستجدي دول العالم أو يراهن على دول الجوار أو ينتظر قرارات الأمم
المتحدة أو تقارير الكونغرس!