القاديانية العربية ومشروع
الحملة الصليبية
١٣/ ١٠/ ١٤٤٣هـ
١٤ / ٥/ ٢٠٢٢م
حرفت القاديانية الهندية برعاية بريطانية معاني القرآن بالتأويلات الباطنية
فأولت آية ﴿وخاتم النبيين﴾ بأن الخاتم في اللغة الطابع فلا نبي إلا من أثبت محمد
ﷺ نبوته لا أنه آخر
الأنبياء!
وفاقتها القاديانية العربية اليوم في تأويلاتها الباطنية اللغوية وتفريغ
النصوص من دلالاتها الشرعية!
وكما رعت بريطانيا القاديانية الهندية؛ ترعى أمريكا منذ ثلاثة عقود ثلاث
هيئات دينية عربية كبرى وهي (اتحاد علماء المسلمين) و(رابطة العالم الإسلامي) و(مجلس
حكماء المسلمين) وتردفها هيئات علمائية محلية كثيرة، تتنافس فيما بينها على تقديم خطاب
ديني يتعايش مع الحملة الصليبية، ويؤمن بالحضارة الغربية وفق مواصفات مؤسسة راند!
ويظهر التناغم والتكامل جليا بين الهيئات العلمائية الثلاث فبينما يدعو
(الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) إلى رفض الخلافة والتطبيع مع الحضارة الغربية ونظامها
الدولي والديمقراطية، يدعو (مجلس حكماء المسلمين) إلى الديانة الإبراهيمية، وتدعو
(رابطة العالم الإسلامي) إلى التطبيع مع إسرائيل!
وتتجلى أبرز مظاهر الردة عن الإسلام في خطاب هذه الهيئات العلمائية في
هدمها أصول الإسلام ابتداءً من التوحيد ورفض نظامه السياسي الوحيد وهو الخلافة واستبدال
الديمقراطية به، وانتهاء بهدم أصل الولاء والبراء من أعدائه بالتحالف مع الحملة الصليبية
والجاهلية العالمية كشركاء في نظام دولي واحد!
وتراعي هذه الهيئات العلمائية في كل بياناتها المحددات الدولية، وتتمثل
في:
١) التزامها بشراكة إستراتيجية
مع أمريكا كما الدول الراعية لها كجزء من نظام دولي تلتزم بمرجعيته بما في ذلك ما يخص
أرض فلسطين التاريخية وتقسيمها وعملية السلام فيها فلا تتجاوز قرارات ما يسمى بالشرعية
الدولية!
٢) الوقوف مع النظام الدولي
ضد كل حركات التحرر من الحملة الصليبية والمحتل الغربي الأمريكي والأوربي بدعوى مكافحة
التطرف والإرهاب إلا حيث تكون المواجهة مع المعسكر الشيوعي أو يصدر قرار دولي يعترف
بالاحتلال كما أرض فلسطين 1967 على أن لا يتجاوز دعمها حق المقاومة دون حق التحرير
بالقوة!
٣) الاعتراف بمشروع سايكس بيكو
وإضفاء الشرعية على دوله الوظيفية وحدودها الوطنية في ظل هيمنة الحملة الصليبية واعتبار
الوجود العسكري الأمريكي الأوربي وقواعده العسكرية في العالم العربي كله مشروعا ومظهرا
من مظاهر الشراكة والتعاون التي يقرها الإسلام ويحث عليها لتحقيق السلم الدولي!
وإن أخطر ما تمارسه القاديانية العربية وهيئاتها العلمائية برعاية أمريكية
منذ عقود أنها تقدم كل انحرافاتها الدينية باسم التجديد والوسطية!
ومع أنه لا علاقة لها بالمدارس الفقهية السنية أصولا وفروعا، فقد غدت
واقعيا الممثل الديني للعالم الإسلامي السني كما دولها الوظيفية تحت الحملة الصليبية!
وقد أصبح مفهوم الإنسانية وأنسنة أحكام الإسلام بما يتوافق مع قيم الحضارة
الغربية المادية المعاصرة التي جعلت من الإنسان إلها، أحد أخطر موجهات خطاب هذه الهيئات
العلمائية التي تجد رعاية إعلامية ومالية وسياسية من قطر والسعودية والإمارات بالإضافات
إلى الهيئات العلمائية المحلية بإشراف أمريكي.
إذ وجدت هذه الهيئات العلمائية في اللغة واتساعها ومجازها ذريعة لتأويلاتها
الباطنية حتى للنصوص القطعية في دلالتها ونقض القضايا الإجماعية فتواطأت كلها على إغلاق
المساجد وتعطيل الجمعة والجماعات والحج وتجريم وعقوبة من خالف قرارات منظمة الصحة العالمية
في مشهد لم يحدث مثله في تاريخ الإسلام!
وتكاد كل الفتاوى الشاذة لهذه الهيئات العلمائية تتفصى من محكمات النصوص
بالتأويلات الباطنية القاديانية تارة بتفسيرها تفسيرا لغويا غير شرعي والاستقلال بفهمها
فهما غير مسبوق بدعوى التجديد وتارة بادعاء ظنية النصوص وتارة بادعاء مراعاة المقاصد
وتارة بتوهم وجود خلاف فقهي لا وجود له!
حتى استطاعت الحملة الصليبية أن تخضع العالم الإسلامي سياسيا إلى نظامها
الدولي وثقافيا إلى حضارتها الغربية وفكريا إلى فلسفتها المادية ودينيا إلى هيئاتها
العلمائية في دولها الوظيفية، فأقامت سنة 2019 في جزيرة العرب قداس بابا الفاتيكان
ودعت إلى الديانة الإبراهيمية وفرضت إغلاق المساجد 2020م!
وتنفي القاديانية العربية -كشرط من شروط الحملة الصليبية للاعتدال والوسطية-
شرعية الخلافة كنظام سياسي للإسلام وتعدها مرحلة تاريخية اقتضتها ظروف تلك الفترة،
لا أنها امتداد للدولة النبوية وتطبيق للنصوص الشرعية القطعية، وهي البدعة نفسها التي
أثارها علي عبدالرازق وحكم عليه بالردة بسببها.
وتسّوق القاديانية العربية بفتاوى هيئاتها العلمائية مشروع الديمقراطية
والدولة الوطنية الوظيفية -كجزء من نظام دولي يخضع لمجلس الأمن ودوله الخمس والأمم
المتحدة كما تشترطه الحملة الصليبية- بديلا عن الخلافة الإسلامية ووحدة الأمة السياسية
وتحررها من نفوذ المحتل الغربي الأمريكي الأوربي!
ولذلك لم تقدم القاديانية العربية رؤاها الفقهية السياسية على أنها اجتهاد
في الرأي أو أحكام ضرورة اقتضاها الواقع، بل قدمتها كفهم صحيح للقرآن، ونفت أصلا وجود
نظام سياسي في الإسلام، ونفت وجود النصوص القطعية التي قامت عليها الخلافة الراشدة
كامتداد للدولة النبوية وعدت قيامها اجتهادا بشريا محضا!
وقد هدمت القاديانية العربية كل الموروث السني السياسي الذي يوجب الخلافة
وأحكام الإمامة العامة سواء على المستوى العقائدي كما تقرر في كتب أصول الدين أو الفقهي
كما في كتب الأحكام السلطانية في المذاهب الأربعة، واعتبرت ذلك الموروث اجتهادا محضا
لا حاجة للأمة إليه كما حاجتها إلى الديمقراطية!
وهذا الهدم المنهجي للخطاب القرآني والنبوي السياسي الذي مارسته القاديانية
وهيئاتها العلمائية وجماعاتها السياسية برعاية الحملة الصليبية ودولها الوظيفية يخرجها
عن كونها هيئات تمثل العالم الإسلامي السني، ويجعل منها فرقة باطنية قرمطية تؤمن بالغرب
ونظامه السياسي أكثر من إيمانها بالإسلام!
ولمواجهة خطر القاديانية العربية وهيئاتها العلمائية يجب على علماء الأمة
الربانيين البراءة منها وكشف زيف خطابها وبيان خطورة مآلاته السياسية في تعزيز سيطرة
الحملة الصليبية ومنظومتها الوظيفية وفرض قيمها الإلحادية والإباحية باسم الشرعية الدولية
على العالم الإسلامي وتقسيمه واحتلال دوله!