واشنطن ودبغ جلد الأسد!
بقلم أ.د. حاكم المطيري
22/ 10/ 1444هـ
12/ 5/ 2023م
من يتوهم أن الدول العربية الوظيفية تتسابق في إعادة علاقتها مع نظام بشار
بعيدا عن الترتيب الأمريكي لا يمكن له أن يفهم حقيقة مشروع القانون الأمريكي لمنع التطبيع
مع النظام السوري الذي تحتل أمريكا بشكل عسكري مباشر أهم مناطقه النفطية في المحافظات
الشرقية بينما تحتل روسيا مناطقه الساحلية!
فأمريكا تعيد تأهيل الأسد عربيا تحت كنترول قانون منع التطبيع معه أمريكيا
لاستكمال مشروعها في سوريا الذي نفذ الأسد الشق الأخطر منه وهو تفريغها من سكانها وتهجير
١٠ مليون سوري سني في أكبر عملية تغيير ديمغرافي في الشام منذ قيام المحتل الصهيوني
سنة ١٩٤٧م وتهجيره شعب فلسطين! وهو الخطوة الأهم لتقسيم سوريا إلى دويلة علوية ساحلية
على حدود إسرائيل وسنية داخلية تحت النفوذ الأمريكي كما اقترحه سنة ٢٠٠٦ الجنرال الأمريكي
رالف بيترز لإعادة رسم "خريطة حدود الدم
في الشرق الأوسط" على أسس طائفية وعرقية وهو مشروع المستشرق الأمريكي اليهودي
برنارد لويس لإعادة تقسيم العالم العربي طائفيا!
ولم تجد واشنطن طوال مدة سنوات الثورة السورية من هو أقدر على استكمال
هذا المشروع غير الأسد إذ لم تستطع "قسد" الكردية تحقيق هذا المشروع كما
لم تقبل به قوى الثورة السورية ولم يبق إلا استثمار جلد الأسد الذي يحتاج إلى التأهيل
العربي ودبغه من جديد تحت الكنترول الأمريكي!
تماما كما أخضعت واشنطن إيران لكل ما تريده تحت كنترول الملف النووي لمدة
١٥ سنة دون أن تتوقف المفاوضات والتي بموجبها رفع أوباما الحجر عن ١٠٠ مليار دولار
لإيران سنة ٢٠١٥ لتكون قادرة على تمويل ميليشياتها للقضاء على الثورتين السورية واليمنية!
ليتضح أن مفاوضات الملف النووي بين طهران وواشنطن هي في حقيقتها لجنة مراقبة
دائمة تتحكم واشنطن من خلالها بالنظام الإيراني وتراقب سلوكه ومدى التزامه بتنفيذ السياسات
الأمريكية في الشرق الأوسط فهي تحاصره وفي الوقت نفسه تستثمره لتنفيذ مشروعها وتمنع
من سقوطه في أي ثورة إيرانية شعبية كما فعلت مع نظام الأسد!