"الله الله
في أهل الشام"
٣ محرم
١٤٤١هـ
٢ سبتمبر ٢٠١٩م
لا أحد أعظم مكانة عند الله وعند المؤمنين، ولا أحسن أثرا، ولا أخلد ذكرا،
ولا أكرم نفسا، ولا أصدق عزما، من المجاهدين، حتى كان الشهداء منهم في المنزلة الرفيعة
التي لا يدانيها أحد بعد الأنبياء والصديقين، كما قال الله ﴿مع الذين أنعم الله عليهم
من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين﴾!
وقد سئل النبي ﷺ كما في الصحيحين: (أي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال: رجل يجاهد في سبيل الله
بنفسه وماله، ورجل يعبد الله في شعب من الشعاب قد كفى الناس شره).
ولم يتخذ الله بالموت أحدا من عباده اصطفاء وإكراما له إلا الشهداء
﴿وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء﴾ فهم ضيوف الرحمن ووفوده، اصطفاهم بنفسه
ليكونوا عنده بدار كرامته ﴿أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله﴾!
فحق لمن أكرمهم الله بالجهاد أن يُكرموا، ولمن أثنى عليهم أن يُمدحوا،
ولمن اصطفاهم أن يحمدوا!
فإن إكرامهم من الإيمان بالله وتعظيمه، كما في الصحيح (من عادى لي وليا
فقد آذنته بالحرب) وكذا من أكرم وليا لله فقد وصل من أمر الله به أن يوصل، ووالى أحق
من يوالى ويكرم!
وليس المجاهدون ملائكة معصومين، بل هم بشر يجتهدون، ويصيبون ويخطئون، غير
أنهم لما جعلوا أرواحهم رخيصة -وهي أعز ما يملك الإنسان في هذه الحياة- فداء لدينهم،
ووقاء عن أهليهم، استحقوا أن يغفر لهم الله كل ذنب بحقه، وأن تتجاوز عنهم أمتهم كل
خطأ بحقها، وفي الحديث الصحيح: (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين)!
وقد سئل رسول الله ﷺ عن الشهيد
لم لا يفتن في قبره كسائر المؤمنين؟ فقال: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة)!
فحق على الأمة اليوم أن تعرف للمجاهدين فضلهم، وتحفظ لهم مكانتهم، وتحتمل
لهم اجتهادهم، وتتحمل معهم عبء ثباتهم وجهادهم!
ولا ينبغي أن تفتنهم ولا تعرضهم للفتن التي تشغلهم عن جهادهم وعن المهمة
التي انبروا لها ﴿حتى لا تكون فتنة﴾!
وليس في المجاهدين كأهل الشام فيما اختصهم الله به من فضله؛ كما في الحديث
الصحيح: (عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده).
وفي الحديث الصحيح: (إني رأيت كأن عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فأتبعته
بصري فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام).
فاجتمع لمجاهديها من فضل الجهاد، وفضل المكان، وفضل الزمان -حيث يعز الأعوان-
ما يوجب على كل مؤمن نصرهم وحبهم واغتفار خطئهم!
فاللهم كن للمجاهدين في الشام، وألف بين قلوبهم، ووحد صفهم، وعجل نصرهم،
آمين آمين!