هذا بلاغ للناس!
بقلم: أ.د. حاكم المطيري
26/ 6/ 1440هـ
3/ 3/ 2019م
أيها المسلمون امضوا في ثورتكم حتى التحرير وإياكم وأكذوبة (الإسلام السياسي)
فإنه الوجه الخفي للنظام العربي الوظيفي العسكري والملكي! والبديل المعمّد لدى المحتل
الغربي عند ثورة الشعوب إلى أن يتم احتواؤها وإعادتها إلى حظيرة الحملة الصليبية باسم
الإسلام!
ولا يلدغ المؤمن من جحر ٢٠ مرة!
فقد أعاد الغرب المحتل شعوب الأمة إلى حظيرته كلما ثارت عليه عبر أنظمته
الوظيفية بإضفاء الشرعية الدينية عليها بتحالفها مع الإسلاميين كما جرى في:
١- ثورة الشعب المصري على بريطانيا يناير سنة ١٩٥٢م التي أدت إلى احتراق
القاهرة لمدة خمسين يوما وانتهت الثورة الشعبية العارمة بترتيب أمريكا لانقلاب الضباط
الأحرار المدعومين من جماعة الإخوان التي أوكل لها حماية السفارات الأجنبية كما اعترف
بذلك يوسف ندا! فلما أحكم الضباط سيطرتهم على مصر وحظروا كل الأحزاب بدعم من الإخوان
انقضّوا عليهم!
حتى إذا ثار الشعب المصري مرة أخرى على السادات وقتله بعد اتفاقية كامب
ديفيد جاءت أمريكا برجلها حسني مبارك وفتحت الطريق لدخول الإخوان إلى البرلمان؛ لإضفاء
الشرعية على نظامها الوظيفي الجديد، وظل حسني يحكم مصر لصالح كامب ديفيد ٣٠ سنة، وأعلن
الإخوان تأييدهم للتجديد له في انتخابات الرئاسة مرارا!
في الوقت الذي كانت سجون مصر تعج بعشرات الآلاف من المجاهدين الذين يقاومون
النظام الذي ينفذ سياسة الاحتلال الأمريكي الصهيوني!
ثم ثار الشعب المصري في الربيع العربي مرة ثالثة ٢٠١١م فاحتاجت أمريكا
إلى إعادة التفاهم من جديد بين العسكر والإخوان؛ كما فعلت سنة ١٩٥٢م؛ لتظل مصر تحت
نفوذها فتم التفاهم وانتخب مرسي رئيسا وجاء بالسيسي وزيرا للدفاع؛ فانقضّ الجيش على
الشعب وثورته مرة أخرى، فالتزم الإخوان بالسلمية وتخلوا عن السلطة الثورية التي منحها
لهم الشعب والتزموا بقواعد اللعبة التي فرضتها أمريكا تحت شعار سلميتنا أقوى من الرصاص!
وهو كل ما يريده الاحتلال الأمريكي؛ ليظل يحكم مصر عبر عصاباته العسكرية
التي يصنعها على عينه، ويعدها ليحكم بها مصر وينفذ بها سياسته الاستعمارية في المنطقة
العربية؛ كما كانت تفعل بريطانيا التي احتلت السودان بالجيش المصري، واحتلت في الحرب
العالمية الأولى القدس ودمشق بالتجريدة المصرية بقيادة أدموند اللنبي الذي عبر بالحملة
الصليبية من سيناء إلى فلسطين والشام!
٢- وثار الشعب السوداني على النميري سنة ١٩٨٥م،
فأسقطه وقامت أول حكومة منتخبة فضاق النظام العربي والغربي بهامش الحرية الذي يعيشه
السودان في ظل محيط دكتاتوري؛ فتم حصاره ودعم جون قرنق وترتيب انقلاب البشير ١٩٨٩م
وبدعم من الحركة الإسلامية ودول الخليج التي قامت بعد ٢٤ ساعة من الانقلاب بإمداد السودان
بالنفط!
وظل السودان يعيش أسوأ صور الحكم والإدارة السياسية بعد أن نفذ البشير
كل ما كانت تريده أمريكا منه بما في ذلك تقسيم السودان والتنازل عن ثرواته النفطية
باسم الإسلام! ومازال النظام الدولي والعربي الوظيفي يقف مع البشير الذي أضفت عليه
الحركة الإسلامية الشرعية مع اعتراف كثير من قيادتها بعدم معرفتهم به قبل الانقلاب
إلا أنه كان قد تلقى دوراته العسكرية في أمريكا!
٣- وثار الشعب الجزائري ١٩٨٨م وتعهّد الرئيس ابن جديد بإجراء انتخابات
حرة، ففازت جبهة الإنقاذ الإسلامية بانتخابات البلدية وبعد سنتين اكتسحت الانتخابات
البرلمانية ١٩٩١م بنسبة 80%؛ فانتفض الغرب ورفضت فرنسا النتائج وانتفض النظام العربي
الوظيفي فتم التحضير للانقلاب العسكري بدعم فرنسي مصري وبدعم مالي سعودي تجاوز أربع
مليارات دولار!
وكان الانقلاب يحتاج للشرعية الإسلامية فجيء بمحفوظ النحناح رئيس حركة
السلم الذي اصطف مع الانقلاب بدعوى ضرورة مواجهة الإرهاب الذي مارسه العسكر ضد الشعب
الجزائري في العشرية السوداء! وما زال التحالف بين العسكر والإسلام السياسي الوظيفي
في الجزائر قائما برعاية فرنسية!
٤- وكاد اليمن يخرج عن النفوذ الغربي؛ فتم التحضير للانقلاب العسكري الذي
قاده علي صالح سنة ١٩٧٨م واحتاج للظهير الإسلامي الشعبي، فتم رعايته أمريكيا وظل التجمع
للإصلاح المدعوم سعوديا وخليجيا الحليف الرئيسي لنظام علي صالح العسكري حتى إذا ثار
الشعب اليمني في الربيع العربي؛ تم احتواء ثورته بالمبادرة الخليجية التي أعادت الشرعية
لنظام علي صالح عبر نائبه هادي وحليفه التجمع للإصلاح الذي انتهى المطاف بكل قياداته
اليوم في الرياض وأبوظبي!
٥- وكادت الملكية في المغرب أن تسقط بسبب الأزمات الاقتصادية الطاحنة والاحتجاجات
الشعبية سنة ١٩٨١م و ١٩٨٤م التي كانت تقودها قوى اليسار الاشتراكي ففتح الحسن الثاني
الطريق للإسلاميين لتعزيز شرعية نظامه حتى جاء ابنه محمد السادس الذي احتاجهم لمواجهة
ثورة الربيع العربي الذي عمت مظاهراته المليونية مدن المغرب الرئيسية والتي هزت أركان
عرشه؛ فكان (الإسلام السياسي) طوق النجاة له! وما زالوا يقومون بالمهمة التاريخية لهم
في خدمة المخزن تحت النفوذ الغربي دون حدوث تغيير حقيقي لواقع المجتمع المغربي!
٦-وكذا وظّفت أمريكا الإسلام السياسي لاحتلال العراق ومواجهة المقاومة
العراقية فجاءت بالحزب الإسلامي في مجلس الحكم الانتقالي الذي أسسه بريمر الحاكم العسكري
الأمريكي!
٧- واستطاعت فرنسا وأوربا إعادة
نظام السبسي الوظيفي في تونس بعد الربيع العربي عبر التحالف مع الإسلام السياسي إلى
حين استعادة الدولة الوظيفية لقوتها!
٨- وكذا تكرر المشهد في ليبيا وسوريا؛ فتم صناعة الواجهة السياسية للثورة
بترتيب خارجي دولي وبتوظيف للإسلام السياسي وإقصاء لقوى الثورة الحقيقية ليتم فرض الحلول
الدولية إعادة المنظومة الوظيفية!
9- وفي الخليج والأردن مازال التحالف الذي رعته بريطانيا ثم أمريكا بين
الإخوان والأنظمة الوراثية قائما لم يتأثر بكل ما حدث بعد الثورة المضادة الذي كان
ضحاياها هم فقط من خرجوا من حيث لا يعلمون عن الخطوط المرسومة للإسلام السياسي دون
من يلتزمون بها من أركان النظام العربي الوظيفي الشعبي!
١٠- وفي موريتانيا تفاهم (الإسلام السياسي) مع الانقلاب العسكري الذي قام
به ولد عبدالعزيز ٢٠٠٨م - على ولد الشيخ أول رئيس منتخب - وتعاونوا مع نظامه وأضفوا
عليه الشرعية وتصدوا معه لمن وصمتهم أمريكا وفرنسا بالإرهاب من الجماعات الجهادية حتى
انقلب عليهم مؤخرا بعد أن انتهت وظيفتهم!
ومع كل هذا التوظيف المفضوح لا زال لدى الإسلام السياسي
القدرة على تبرير كل ممارساته التي تأتي دائما في خدمة النظام العربي الوظيفي والمحتل
الغربي الذي يحرص على أن يبقي (الإسلام السياسي) الممثل الشعبي المعترف به في المنظومة
العربية الوظيفية والدولية ما دام معترفا بترتيبات الحملة الصليبية منذ سايكس بيكو
بما في ذلك الاعتراف بالدولة القُطرية وأنظمتها الوظيفية والتخلي عن مشروع الأمة والخلافة
والدولة الإسلامية وإقامة الشريعة وجهاد المحتل الغربي ونفوذه في المنطقة!