"حماس بين خندقين"
أ.د. حاكم المطيري
DrHAKEM@
❖ لم يعرف بعد طبيعة الصراع
ولا مفهوم الأمة من يفرق بين القدس ودمشق وبغداد أو يفرق بين دماء شهدائها وتضحيات
شعوبها والخطر المشترك الذي يهددها!
❖ الأمة وشعوبها لا تمنح
حركات المقاومة والجهاد صك براءة ولا شيكا على بياض؛ فإن أحسنت نصرتها، وإن أخطأت
صوبتها، وإن أساءت قومتها، وإن اعتدت منعتها!
❖ لا تحتاج الأمة وهي تواجه
تداعي الأمم عليها والعدوان الإسرائيلي الأمريكي الروسي الإيراني في القدس وبغداد
ودمشق من يعرفها بعدوها؛ فدماؤها تعرفه!
❖ استخفاف بعض قيادة حماس
بدماء الشعبين السوري والعراقي ودعم عدوهما الإيراني الذي يشن حربه عليهما مع
روسيا وأمريكا يؤكد غياب الرؤية لدى الحركة!
❖ النظرة الحزبية للصراع
دون مراعاة دور الأمة وحقها في فلسطين و القدس؛ رمت حركة فتح في حضن المشروع
الصهيوني، وحركة حماس في حضن المشروع الصفوي!
❖ سقوط سياسي انحياز
المقاومة في فلسطين إلى خندق الطاغية بشار وإيران وروسيا بدعوى حاجتها إلى الدعم
في الوقت الذي يذبح فيه السوريون تحت الحصار!
❖ باسم المقاومة يغضون
الطرف عن مذابح بشار وحزب الله وجرائمهم في سوريا، وباسم المقاومة يغضون الطرف عن
جرائم إيران وميليشياتها في العراق!
❖ من منظور وطني؛ حق
المقاومة السورية في تحرير وطنها من الاحتلالين الروسي والإيراني لا يقل عن حق
المقاومة الفلسطينية في تحرير أرضها سواء بسواء!
❖ حماس ليست وصيا على القدس
والشعب الفلسطيني لتحشره معها في خندق إيران وتجيره مقابل دعم حزبي على حساب دماء
الملايين التي تسيل أنهارا في سوريا!
❖ لحماس أن تقيم علاقاتها
مع من تشاء، فهذا شأنها؛ وليس من حقها أن تجعل من قضية فلسطين والقدس وهي قضية
الأمة كلها بوابة لإيران تحتل المنطقة بها!
❖ كم تحتاج حماس من الدماء
والقتلى والمهجرين في سوريا والعراق واليمن وهم بالملايين؛ لتدرك طبيعة المشروع
الإيراني الطائفي وخطره على الأمة كلها!
❖ فيلق القدس وميليشيات
إيران تشارك الجيش الروسي في سوريا والجيش الأمريكي في العراق في قتل ملايين العرب
والمسلمين؛ فما الفرق بينها وبين إسرائيل!
❖ ما قدمه العرب للقضية
الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير أضعاف أضعاف ما قدمته إيران، واختزال المقاومة
بحماس؛ إهدار خطير لجهاد الشعب الفلسطيني كله!
❖ خاض العرب دولا وشعوبا
مع ضعفهم وخيانة بعض أنظمتهم 3 حروب مع إسرائيل منذ قيامها؛ ذهب فيها آلاف الشهداء
العرب؛ بينما لم ترسل إيران جنديا واحدا!
❖ المقاومة عقيدة حق ومبدأ
عدالة وقضية حرية قبل أن تكون قوة وبندقية، فإذا غاب المبدأ وخبت العقيدة وتراجعت
القضية؛ تحولت المقاومة إلى مقاولة!
❖ التبريرات التي تدافع عن
تصريحات قادة حماس تجاه إيران أشد خطرا من التصريحات نفسها؛ فهي تفلسف للخطيئة
بدلا من النصيحة وتضر حماس أكثر من نفعها!
❖ حماس عزيزة علينا ولا
يجحد أحد جهادها، والحق أحب إلينا، والأمة وشعوبها المظلومة أعظم حرمة، وأوجب حقا،
والدين النصيحة!
قال ﷺ: (الدين النصيحة... لله ولكتابه
ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)...
وقال تعالى في ذمه بني إسرائيل لعدم تناهيهم عن
المنكر فيما بينهم: {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}!
أسئلة حول ما كتبه د. حاكم عن حماس وموقفها من
إيران
السائل: أرى أن الأسئلة الحقيقية هي التالية:
- ما موقف حماس الواضح والمعلن والعملي من الثورة/القضية السورية؟
- هل ما تفعله حماس هو ولاء لإيران أم قبول دعم؟
- هل حماس كحركة مقاومة تخوض حروبا ضد دولة
الاحتلال لوحدها تقريبًا مختارة أم مضطرة في قرار قبول الدعم التسليحي (وليس المال
فقط كما يحب البعض أن يغمز)؟
- هل ثمة بديل لحماس وهي معرضة عنه ومصرة على
إيران؟
- هل حماس أكثر اضطرارا للعلاقة مع إيران من دول
يمتدح موقفها الناقمون على حماس مثل تركيا ودول الخليج؟
- هل إيران والغة في دم الأمة بينما أمريكا
وفرنسا والسعودية والإمارات بريئة من دمائنا حتى تلام حماس دون من ينسجون مع هؤلاء
وغيرهم أفضل العلاقات ويتلقون منهم الدعم؟
- هل كان كلام أبي مرزوق توصيفيا أم مادحا؟وهل
المقصود به شكر إيران أم التعريض بالدول العربية؟
- هل في تصريح الرجل أي إشارة لقبول (فضلاً عن
دعم) سياسات إيران في المنطقة؟ أم هو مختص بجزئية واضحة هي تقديم الدعم للمقاومة؟
- هل يمكن أن يشرح لنا د. حاكم كيف أصبح
الدعم المقدم "حزبيا" وليس للعمل المقاوم؟
هذه أسئلة حقيقية وواضحة وواقعية وليست
افتراضية..
وهناك أسئلة ونقاشات أخرى لن أدخل فيها الآن حول
حقيقة التأجيج الطائفي ومن يقف/يقفون خلفه من مختلف الأطراف وأسباب المزاودات على
حماس دون غيرها وتقييم الموقف في سوريا ومختلف أطرافه... إلخ.
❖ جواب د. حاكم: بعد الحمد لله...
الإجابة عن هذه الأسئلة تقتضي تحرير محل الخلاف
وهو:
هل هناك حرب وعدوان من إيران على أهل الشام
والعراق أم لا؟
وهل هناك مشروع طائفي إيراني عقائدي في المنطقة أم
لا؟
وهل إيران تتحالف من أجل تمدد مشروعها مع روسيا في
سوريا ومع أمريكا في العراق أم لا؟
وما هو الموقف تجاه هذا العدوان وهذا التحالف مع
الحملة الصليبية الجديدة على الشام والعراق؟
وبناء على الإجابة عن هذه الأسئلة؛ يتم الحكم على
موقف حماس والذي يفترض فيها أنها جزء من الأمة، وأنها حركة مقاومة وجهاد وتحرير!
أما إذا اعتبرناها كالأنظمة العربية الوظيفية
وجزءا من المنظومة الدولية التي يتم توظيفها لمواجهة الأمة وثورتها؛ فحينئذ تكون
كل تلك الأسئلة التبريرية المطروحة دفاعا عن حماس وموقفها من إيران أسئلة وجيهة!
فتلك الأسئلة تتحدث وكأنما حماس نظام عربي وظيفي
يحق لها أن تمارس ما يمارسه غيرها من التخلي عن مبادئها بدعوى مصالح شعبها كما
الأنظمة الخليجية التي تتعاون مع أمريكا وإسرائيل لحماية أمنها من الخطر الإيراني!
فوفق هذا المعيار النسبي للحق حيث تغيب العقائد
والقيم وتحل المصالح الحزبية والوطنية الضيقة؛ فلكل دولة عربية أن تفعل ما تراه
يحفظ أمنها ويحمي شعبها ويحقق مصالحها ولو على حساب دينها وعلى حساب أمن الأمة
كلها ومصالحها الإستراتيجية العليا!
وهذه النظرية النسبية نفسها هي التي جعلت
الإسلاميين فضلا عن غيرهم يقاتلون مع أمريكا في العراق ويشاركون في حكومة الاحتلال
الأمريكي التي أسسها بريمر! وهي التي جعلتهم يقفون مع الانقلاب العسكري في الجزائر
المدعوم فرنسيا وخليجيا وأوروبيا! وجعلتهم في الخليج يدافعون عن موقف حماس من
إيران بدعوى حقها في المقاومة ضد إسرائيل بينما هم يصطفون خلف أنظمتهم الوظيفية
التي تقف مع إسرائيل وأمريكا في حصار الشعب الفلسطيني!
إنها النسبية التي ابتلي بها بعض الإسلاميين حتى
لم يعد هناك في قاموسهم حق وباطل وإيمان وكفر وعدل وظلم! بل ترى الجماعة الواحدة
تقف في البلد الواحد ومن نوازل البلد الواحد الموقف ونقيضه! فهل ما يجري في
الفلوجة اليوم تحرير كما يراه الحزب الإسلامي أم احتلال وتهجير وتطهير طائفي كما
يراه غيرهم من الجماعة نفسها!
وهل القتال مع الجيش الأمريكي الذي يقصف الثورة في
سوريا والعراق ردة وكفر أم جائز ومشروع!
وهل حماس حين تمجد بل وتتحالف مع إيران التي تقتل
المسلمين في سوريا والعراق مع روسيا وأمريكا مأجورة أم مأزورة!
وهل هناك فرق بين تحرير الشام وتحرير فلسطين ودماء
أهل الشام ودماء أهل فلسطين أم لا فرق بينهم فذمة المؤمنين واحدة ودماؤهم واحدة
وهم يد على من سواهم!
إن الأزمة أعمق من تصريح بعض قادة حماس إنها أزمة
أمة تراجع عندها مفهوم الدين فصار كل شيء قابلا للتحليل والتأويل! وتراجع عندها
مفهوم الأمة فصار كل شعب وكل دولة بل كل جماعة تنظر لمصلحتها دون مصالح الأمة
العليا لتصبح الأمة في خندقين أمريكي إسرائيلي وروسي إيراني! بل في عشرين خندقا
يقاتل بعضها بعضا!
إنها أزمة أعمق من أن تحلها مثل هذه الأسئلة
التبريرية التي تريد مقارنة حماس بالكويت والإمارات والسعودية والمنظومة العربية
الوظيفية الخاضعة للنظام الغربي الدولي؛ فما يجوز لها من ممارسات؛ فلحماس أن تمارس
مثله! لتقول شعوب الخليج وبالمنطق نفسه إذا جاز لحماس أن تقف مع إيران في ظل حربها
على الشعب السوري والعراقي وتهديدها لدول الخليج بدعوى الضرورة؛ فما الذي يجعلنا
نرفض سياسة حكومات الخليج التي تتحالف مع أمريكا وإسرائيل والغرب لمواجهة خطر
إيران بدعوى الضرورة نفسها!
لتصبح الأمة كلها وفق هذا المنطق النسبي أحجارا
على رقعة الشطرنج للمشروع الصليبي الصهيوني الصفوي!
حين يحدد الإسلاميون من هم؟ وماذا يريدون؟ ومن
الأمة التي يمثلونها وينتمون إليها؟ وما المرجعية التي تحكم مواقفهم؟
حينها فقط يكون للإجابة عن هذه الأسئلة كلها جدوى
وإلا سيظلون كما قال تعالى: ﴿بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا
يعقلون﴾
وسيظل جدلهم كما قال الأول:
حجج تهافت كالزجاج تخالها.. حقا وكل كاسر مكسور!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16
-17- 18 يونيو 2016