بقلم أ.د. حــاكم المـطـيري
1 جمادى الأخرة 1435هـ
1 إبريل 2014 م
الاستشكال الثامن: الطغيان السياسي والوسطيون الجدد:
حاول السقاف بكل الذرائع والوسائل تضليل قرائه بشكل مفضوح دفاعا عن الخطاب المؤول، ليبرر - من طرف خفي - الخطاب المبدل القائم اليوم دفاعا عن موقفه وموقف طائفته من الأنظمة الوظيفية في الخليج والجزيرة العربية!
فالسقاف يتظاهر بالدفاع عن تاريخ الإسلام وخلفائه وفقهائه في مرحلة الخطاب المؤول وما تقرر فيها من قواعد للحكم تخالف الخطاب المنزل - لا إيمانا بالخلافة وضرورتها إذ ثبت أنه لا يرى أصلا ضرورة الدولة في الإسلام - وإنما بقصد تبرير مواقف الفقهاء المعاصرين الذين أضفوا الشرعية اليوم لا على الخطاب المؤول فقط، بل على الخطاب المبدل الذي فرضته الحملة الصليبية المعاصرة منذ سقوط الخلافة العثمانية وإقامة دويلاتها العربية التي يحكمها الصليبيون وحلفاؤهم الذين يوالونهم ويولونهم!
حيث يقول السقاف في المأخذ رقم 7 (فقد ذكر المؤلف – حاكم المطيري – ظاهرة (المستبد العادل) ... كيف يجتمع الضدان؟ كيف يكون عادلا صالحا ومستبدا في الوقت نفسه؟ وكيف يكون مستبدا وتكون هذه المرحلة من أسباب استمرار الحضارة الإسلامية واستقرارها؟... بل إن كثيرا من الأخبار التي أوردها المؤلف لتنبئ بغير ذلك، إذ تشهد لهؤلاء الخلفاء بأنهم كانوا غير مستبدين إطلاقا! بل كانوا يستشيرون العلماء والفقهاء، ولا يحتجبون عن الرعية، وينتصفون للمظلوم ... فإن لم يكن هذا بعدا عن الاستبداد فلا ندري كيف يكون البعد عنه)!
والإجابة عن هذه الشبه من وجوه:
الوجه الأول:
ظهر جليا من هذا الاستدراك أن السقاف لم يعرف بعد - أو لا يريد أن يعرف - حقيقة الشورى، كما قررها د حاكم في كتاب (الحرية أو الطوفان)، فأخذ يستدرك على المؤلف قبل فهم مراده!
فالسقاف يرى بأن مجرد وجود خلفاء وأمراء يستشيرون الفقهاء، ويستمعون للرعية، وينصفون المظلوم، دليل على تحقق الشورى وعدم وجود الاستبداد مطلقا!
ويحتج السقاف على دعواه هذه بأن د حاكم نفسه يعترف في كتابه بأن كثيرا من الخلفاء اشتهروا بالعدل!
وكما قال أبو الطيب:
ومن البلية نصح من لا يرعوي
عن غيه وخطاب من لا يفهم
فالشورى كما قررتها في كتاب (الحرية أو الطوفان) تعني ابتداء حق الأمة في اختيار الإمام، وليس فقط استشارته لها، أو للفقهاء كما تقرر في الخطاب المؤول!
وقد قلت في كتاب (الحرية أو الطوفان):
(وقد كانت الشورى كما فهمها الصحابة تعني الأمرين: حق الأمة في اختيار الإمام؛ كما قال عمر: (الإمارة شورى)، فلا شورى في الحكم الوراثي مهما كان عادلاً، وحق الأمة في مشاركة الإمام في الرأي، وألا يقطع أمرًا دونها، فلا شورى مع الاستبداد والإكراه السياسي، فهذان الحقان هما المقصودان بشعار (الرضا والشورى)... كل ذلك قبل أن يطرأ التراجع الخطير في مفهوم الشورى في المرحلة الثانية، حيث تم اختزال معنى الشورى، فأصبحت الشورى قاصرة على مشاركة الأمة الإمام في الرأي ؟! ثم تم اختزالها فإذا الشورى هي استشارة الإمام أهل الحل والعقد دون الالتزام؟! ثم تم اختزالها مرة ثالثة فإذا الشورى غير واجبة على الإمام، بل هي من الأمور المستحبة، إن شاء فعل وإن شاء ترك ؟! ولا يمكن والحال هذه أن تقاتل الأمة الإمام لمجرد تركه أمرًا مستحبًّا؟) انتهى كلامي!
فالإمام الذي يصل للخلافة والإمارة والسلطة بلا شورى الأمة واختيارها ورضاها، هو مستبد بالأمر، حتى وإن كان عادلا بعد ذلك في أحكامه وقضائه، حيث قرر الفقه المؤول بأن العدل لا ينافي الاستبداد بالأمر!
فهل يستقيم استدراك السقاف علي بأنه كيف يكون مستبدا وعادلا!
والأعجب من ذلك سؤال السقاف (وكيف يكون مستبدا وتكون هذه المرحلة من أسباب استمرار الحضارة الإسلامية واستقرارها)؟!
فحذف السقاف من هذا السؤال وصف العادل (المستبد العادل)، واقتصر على (كيف يكون مستبدا وتكون المرحلة من أسباب الاستقرار)، ثم أخذ يرتب على ذلك أسئلة مغلوطة يريد منها إثبات التناقض في كتاب (الحرية أو الطوفان) من جهة، والدفاع عن الاستبداد من جهة أخرى احتجاجا بنصوص من الكتاب نفسه، يبترها السقاف من سياقها، ويتصرف فيها كما يشاء، بلا رقيب من ضمير، ولا حسيب من ناقد!
وهل يستقيم للسقاف قوله بأن وجود خلفاء يشاورون الفقهاء وينصفون المظلوم ينفي وجود الاستبداد في الوصول إلى السلطة نفسها! على حد زعم السقاف (بل إن كثيرا من الأخبار التي أوردها المؤلف لتنبئ بغير ذلك، إذ تشهد لهؤلاء الخلفاء بأنهم كانوا غير مستبدين إطلاقا)!
بينما القضية الرئيسة لكتاب الحرية هو إثبات طروء التأويل على مفهوم الشورى نفسها، فبعد أن كانت في الخطاب المنزل تعني حق الأمة أصلا في اختيار الإمام، إذا هي تعني في الخطاب المؤول مشاورة الإمام للأمة، دون النظر إلى كيف وصل هذا الإمام للسلطة أصلا؟! ليحتج السقاف بعدها بالمفهوم الثاني المؤول للشورى على وجود الشورى بالمفهوم الأول كما في الخطاب المنزل!
هل هناك هوس كهذا الهوس الذي يسميه السقاف دراسة نقدية لكتاب الحرية!
الوجه الثاني:
ثم ما الذي يريد السقاف إثباته للقراء من هذا المأخذ؟
ومن المستفيد يا ترى من هذه التقريرات؟
هل ينفي السقاف وجود الاستبداد وغياب الشورى في مرحلة الخطاب المؤول، إذاً ما الفرق بين عهد الخلفاء الراشدين وعهد الأمويين؟!
أم يريد السقاف إثبات أن الاستبداد وغياب الشورى أدى للاستقرار والازدهار كما يزعم د حاكم؟
أو أنه يريد إثبات أن الشورى كانت قائمة آنذاك وهي مشاورة الأمراء للفقهاء، وهذا موجود في هذا العصر في دويلات الحملة الصليبية في الخليج والجزيرة العربية! وعليه لا حاجة في نظر السقاف لما يدعو إليه د حاكم من تقرير حق الأمة في الشورى - التي تعني حقها في اختيار السلطة، وليس فقط مشاورة السلطة للأمة – لأنها متوفرة اليوم في دويلات الطوائف التي يدافع عنها السقاف!
لقد حاول السقاف – كعادته في هذه الدراسة - خلط الأوراق في الاستدلال بظاهرة (المستبد العادل)، فكتاب الحرية يتحدث عن ظاهرة (المستبد العادل) كما برزت في مرحلة الخطاب المؤول، الذي ظل محافظا على ضرورة الحكم بالشريعة ووجوب (العدل) بين الناس في القضاء، كما تقرر في الخطاب المنزل، وفي المقابل تراجع عن اشتراط الشورى وحق الأمة في اختيار الإمام لثبوت العدالة في هذا الخطاب المؤول حتى (للمستبد) إذا كان صالحا عادلا في حكمه، حيث أسهم (العدل) الذي اشتهر به كثير من الخلفاء والأمراء - وليس (الاستبداد) كما حاول السقاف تضليل القراء وتحميل عباراتي نقيض المراد منها – في تحقق الاستقرار والازدهار في هذه المرحلة، إلا أن غياب الشورى أدى إلى ضعف الأمة وتحلل قوة دولة الخلافة على المدى البعيد، وهو ما أفضى إلى سقوطها أمام الحملات الصليبية بعد ذلك حيث قلت في كتاب (الحرية أو الطوفان): (لقد أجمع الفقهاء على عامة هذه الضمانات العدلية وأكثر منها، وهي التي حالت، مع استقلال القضاء وصلاح القضاة، دون استشراء الظلم في العالم الإسلامي على النحو الذي حصل في أوربا من استرقاق الأحرار لعجزهم عن سداد الديون، وشيوع الإقطاع هناك، وحرمان الناس من حق التملك والتجارة والتنقل، مما عد من المكتسبات بعد الثورة الفرنسية سنة 1789م ، وهذا ما لم يعرفه العالم الإسلامي.
وإنما شهد العالم الإسلامي ظاهرة الاستبداد السياسي وفساد السلطة، وكان بالإمكان التصدي لها لولا مبادئ الخطاب السياسي المؤول، الذي حالت دون ذلك، بدعوى أن السنة جاءت بوجوب السمع والطاعة مهما انحرفت السلطة، ومهما تخلت عن مهماتها كحماية البيضة، وإقامة الملة، وتحكيم الشريعة ؟!
فما إن استشرى هذا الاعتقاد بين علماء الأمة وعامتها حتى ازداد الانحراف شيئا فشيئا، دون أن تواجه السلطة من يسائلها ويتصدى لفسادها، فتم تعطيل أحكام الشريعة شيئا فشيئا، وبلغ الفساد مداه حتى تحالف كثير من الملوك مع أعداء الإسلام، وتركوا الجهاد، حتى وقع المسلمون تحت حكم أعدائهم، كما حصل في الأندلس، فاستأصلوهم منها وقضوا عليهم بسبب فساد الملوك وانحلالهم، وعدم تصدي الأمة لهم، فكانت الكارثة عليهم جميعا، وبعد سقوط آخر ملوك الأندلس بأربعة قرون سقط العالم الإسلامي كله – لأول مرة في تاريخ المسلمين – تحت سيطرة الاستعمار الغربي، مع وجود الملوك والحكومات في كل قطر دخله الاستعمار؟!
وقد دخل الاستعمار أكثر الأقطار دون مقاومة تذكر، بل تم بموافقة كثير من ملوك تلك الفترة ؟!
وظل العلماء يرون السمع والطاعة لهؤلاء الملوك، مع أن الواقع يؤكد أنهم مجرد ولاة تحت سيطرة الاستعمار)!
وفي الوقت الذي ذكرت في كتاب الحرية اشتهار كثير من الخلفاء بالعدل والصلاح - مع الاستبداد وغياب الشورى التي هي حق الأمة في اختيار الإمام - ذكرت أيضا وقوع الانحراف والظلم من كثير من الأمراء المتأخرين كما نقلته في كتاب (الحرية أو الطوفان) عن شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث يقول (وعامة الأمراء إنما أحدثوا أنواعًا من السياسات الجائرة؛ من أخذ أموال لا يجوز أخذها، وعقوبات على الجرائم لا تجوز؛ لأنهم فرطوا في المشروع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فلو قبضوا ما يسوغ قبضه، ووضعوه حيث يسوغ وضعه، طالبين بذلك إقامة دين الله لا رياسة أنفسهم، وأقاموا الحدود المشروعة على الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، متحرين في ترغيبهم وترهيبهم للعدل الذي شرعه الله -: لما احتاجوا إلى المكوس الموضوعة، ولا إلى العقوبات الجائرة، ولا إلى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين، كما كان الخلفاء الراشدون وعمر بن عبدالعزيز وغيرهم من أمراء بعض الأقاليم).
فكان الواجب على السقاف حين أراد نقد الكتاب أن يفهم موضوعه الأصلي، ومصطلحاته كما عرَّفها المؤلف، وأن يجمع أطراف الكتاب فيرد مجمله على مبينه، ومتشابهه إلى محكمه، كي يستطيع بعد ذلك نقده نقدا علميا موضوعيا، لا أن يحتج على د حاكم باستشارة الخلفاء للفقهاء، كدليل على نفي الاستبداد ووجود الشورى؟!
والأعجب - من كل هذا الخلط والتضليل الذي مارسه السقاف - سؤاله ببراءة لا تخلو من دهاء بعد قوله (بل كانوا يستشيرون العلماء والفقهاء ولا يحتجبون عن الرعية وينتصفون للمظلوم .. فإن لم يكن هذا بعدا عن الاستبداد فلا ندري كيف يكون البعد عنه)؟!
فالسقاف لا يدري كيف يكون البعد عن الاستبداد إذا كان هذا كله استبدادا عند د حاكم!
وماذا يريد د حاكم من الأمراء أكثر من هذه الحرية والشورى التي كانوا يمارسونها آنذاك!
ونقول للسقاف بكل وضوح وبشكل مباشر بعيدا عن التضليل والتدليس والتباكي على الفقهاء، والتذاكي على القراء:
هل يرى السقاف أن للأمة اليوم الحق في اختيار الأمراء أنفسهم بالشورى والرضا، كما قال عمر وأجمع عليه الصحابة (الإمارة شورى بين المسلمين)؟!
وما الموقف ممن تولى السلطة بلا شورى الأمة وبلا رضاها واختيارها هل تصح ولايته أم تبطل، كما قال عمر في صحيح البخاري (من بايع رجلا دون شورى المسلمين فلا بيعة له ولا الذي بايعه تغرة أن تقتلا) في رواية (فلا يحل لكم إلا أن تقتلوه)؟
وأيهما أحق بالاتباع سنن عمر والخلفاء الراشدين وما أجمع الصحابة عليه في عصرهم من كون الإمارة شورى لا تنازع فيها ولا توارث، أم المحدثات التي تقررت بعدهم وأجازت الاستبداد بالأمر، ووجوب الطاعة لمن تولى بلا شورى بدعوى اتباع السنة التي لا يعرفها الصحابة في عهد عمر؟!
وهل من يوليه اليوم العدو المحتل للأمة ويختاره للسلطة في بلد إسلامي – كما هو حال أكثر الحكومات الوظيفية اليوم - يكون ولي أمر تجب طاعته لمجرد أنه يشاور الفقهاء ويستمع للرعية؟! أم يجب على الأمة جهاده ورفع يده عن ولايتها على نفسها وشئونها؟
وهل يخفى على الشيخ السقاف كيف تقوم واشنطن اليوم باختيار من يتولى الأمر في دويلاتها في العالم العربي؟!
ألا يرى كيف يتوافد المسئولون والأمراء العرب إلى البيت الأبيض ليؤدوا فروض الطاعة لقيصر الروم، ليتم اللقاء بهم واختبارهم في لجان البنتاغون لمعرفة قدراتهم ومهاراتهم التي تؤهلهم لتولي الأمور في بلدانهم؟!
ألا يرى السقاف كيف يأتي قيصر الروم عند كل ترتيبات جديدة للحكم في المنطقة ليبارك لمن تم اختيارهم للولاية الجديدة في غياب كلي للأمة عما يجري لها؟!
ألا يعلم السقاف وطائفته من دعاة (فقه الواقع) و (الحسبة على ولي الأمر) كيف يتقرب الأمراء والوزراء العرب اليوم إلى أوباما وإدارته، ليختاروا من يتولى ولاية العهد منهم، ومن ينوب عن الحاكم في بلدانهم، ليضمنوا بقاء الحكم فيمن يثقون به، وبمحافظته على (شروط الجزية) التي يفرضونها على من يرشحونه للحكم في دويلات الطوائف؟
أيرى السقاف لمثل هؤلاء بيعة وطاعة وإمامة شرعية ليؤلف هذه الدراسة النقدية لكتاب الحرية، دفاعا عنهم تحت ذريعة الدفاع عن فقهاء الأمة؟
الاستشكال التاسع:
أخذ السقاف كعادته في التضليل والتدليس في تعميم العبارات لغرض في نفسه حيث قال في آخر فقرة من المأخذ رقم 7 (وما ادعاه المؤلف من أن العلماء والفقهاء – لاحظ التعميم - كانوا هم السبب في استبداد الخلفاء)، ثم افتتح بعده مباشرة المأخذ رقم 8 بقوله (زعمه أن الفقهاء والعلماء – لاحظ التعميم - إنما عبروا عن واقع عصرهم أكثر من تعبيرهم عن مبادئ الخطاب السياسي الإسلامي وأنهم جعلوا التأويل وسيلة لتبرير الأمر الواقع)، ثم أخذ ينقل فقرات من ص 9 من كلامي حيث قلت في الحرية (لم يعد دين الناس اليوم هو الدين الذي كان عليه الصحابة رضي الله عنهم مع كون القرآن ما زال غضًّا طريًّا كما نزل، إلا أنه حيل بين الناس وبينه بمفهوم مئات العلماء وشروحهم وتأويلهم)، ثم نقل االسقاف فقرة من ص 110 وهي قولي (وقد صار الواقع يفرض مفاهيمه الجديدة على الفقه الإسلامي وبدأ التأويل يأخذ طريقه لنصوص الخطاب السياسي)، ثم نقل فقرات عن بعض الأئمة موهما القراء بأنهم يدخلون في هذا التعميم حيث قال السقاف (ومن ذلك قوله ص 150 عن الإمام الحسن البصري المجمع على إمامته وفضله وعباداته (وبهذا قامت دولة بني العباس على أنقاض دولة بني أمية ليثبت بطلان نظرية الحسن البصري وادعائه عدم قدرة القوة على التغيير)، ومن ذلك قوله ص 182 عن الإمام المبجل الصابر وقت المحنة الثابت عند الفتنة (لقد فرض الواقع مفاهيمه على أهل العصر فجاءت آراؤهم تعبيرا عن هذا الواقع أكثر منها تعبيرا عن النصوص ولهذا رد الإمام أحمد حديث ابن مسعود (يكون أمراء يقولون ما لا يفعلون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن)..) انتهى كلام السقاف!
والإجابة عن هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول:
لا يحتاج الأمر لكشف هذه الشبهة إلا النظر في أرقام الصفحات التي ذكرها السقاف في هذا المأخذ! فهو يأتي بفقرة من كتاب الحرية في ص 9 تتحدث عن (دين الناس اليوم)، ثم يعممها، ويوهم القراء بأن د حاكم يقصد بفقهاء الخطاب المؤول هؤلاء الأئمة كالإمام الحسن البصري المذكور في ص 150 وكالإمام أحمد بن حنبل المذكور في ص 182 ؟!
وحتى يستدر السقاف عطف القراء أخذ يصف الحسن البصري بالإمام المجمع على عبادته وفضله، ويصف أحمد بأنه الإمام المبجل الصابر وقت المحنة الثابت عند الفتنة!
ليحول السقاف مقاله من دراسة نقدية إلى مجالس حسينية ونياحة كربلائية!
ولا أدري لماذا أضفى السقاف كل هذه الألقاب على الحسن البصري وأحمد بن حنبل! وكأن د حاكم ينتقص من قدر هذين الإمامين، لمجرد استدراكه عليهما في رأي أو رأيين!
وكيف يسوغ في النقد اقتطاع فقرة واجتزاؤها من سياقها في أول الكتاب في ص 9 تتحدث عن واقع الأمة اليوم، وفقرة في ص 110 تتحدث عن فقهاء الخطاب المؤول الذين شايعوا أهواء الأمراء في العصور المتأخرة كما نص عليه ابن تيمية، وربطها بفقرة أخرى في ص 182 تتحدث عن الإمام أحمد بن حنبل في مسألة جزئية، ليوهم السقاف قراءه بمكر ودهاء بأن الفقهاء الذين أولوا الدين وحرفوه وشايعوا أهواء الملوك المراد بهم عند د حاكم سلف الأمة كالحسن البصري والإمام أحمد بن حنبل!
والسقاف يعرف بأن كثيرا من القراء لم يطلع على كتاب الحرية، وقد لا يطلعون عليه، فلا يعرفون موقف د حاكم من الإمامين الحسن البصري وأحمد بن حنبل إلا من خلال ما كتبه في هذه الدراسة، التي يراد منها صد الناس عن كتاب الحرية، بتهمة أنه يطعن في الأئمة وعلماء الأمة، و(لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله فيمن انتقصهم معلومة)، حتى وإن كانوا يشايعون الملوك ويقاتلون الأمة تحت رايتهم، ويبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل، لتثبيت حكم أولياء أمورهم، بل حكم أمريكا التي جاءت بهم!
وهذا التباكي على الأئمة - لمواجهة المخالف في الرأي والتشهير به وصرف الناس عنه - أسلوب شيعي رخيص يتقمص صاحبه دور المدافع في الظاهر عن الأئمة وقبورهم، بينما الهدف في الواقع الدفاع عن الطغاة وقصورهم!
وقد سبق السقاف إلى هذا الأسلوب الكربلائي حمد عثمان في (غوغائيته)، وإبراهيم السكران في مقالته!
وقد ذكرت الإمام أحمد في مواطن عديدة في الكتاب، واحتججت بقوله في رد بعض ما جاء في الخطاب السياسي المؤول، ومن ذلك التصدي لجور الإمام حيث قلت في كتاب الحرية عنه (فلم يقدم المأمون على الإعلان عن هذا الرأي – القول بخلق القرآن - إلا بعد أن مات يزيد بن هارون سنة 206هـ ، وكان يعدّ من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.[1]
وقد تأثر خطاه تلميذه أحمد بن حنبل، فلما تم الإعلان عن هذا الاعتقاد تصدى أحمد للرد عليه، وسُجن بسبب ذلك، وضُرب وهُدد بالقتل، وعُرض على السيف، فلم يرجع عن رأيه في كفر هذا الاعتقاد، وقد أرادوا منه أن يجيب تقيةً، فكان يذكر لهم حديث (إن من كان قبلكم ينشر أحدهم بالمنشار لا يصده ذلك عن دينه)!
وقد أُطلق سراحه، وهُدد بألا يجتمع بأحد، وألا يبقى في بغداد، فظل متخفيًا، وكان يقول: اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثًا، وليس ينبغي أن تتبع سنة رسول الله في الرخاء، وتترك في الشدة.
فظل كذلك في عهد المعتصم ثم الواثق، فما زال كذلك حتى جاء المتوكل ورفع الفتنة.
وقد اجتمع أهل الحديث والفقه في بغداد لخلع الواثق لما أراد تعليم الصبيان في الكتّاب هذا الاعتقاد، فأمرهم أحمد بالصبر وعدم الخروج.
وقد عفا عن كل من آذاه، وأبى أن يتعرض المتوكل للمعتزلة، فكانوا يقولون: قدرنا على أحمد فآذيناه، وقدر علينا وعفا عنا.[2]
وقد كان يرى أن هؤلاء وإن اعتقدوا هذه العقيدة إلا أنهم مسلمون متأولون، وإن كان هذا الاعتقاد في حد ذاته كفرًا؛ لمصادمته للنصوص، ولهذا أبى الخروج على الواثق، وكان يرى وجوب طاعتهم والجهاد معهم، وقد علل رفضه للخروج خوفا من الفتنة، وسفك الدماء، وضياع الحقوق، وقطع السبيل، وانتهاك المحارم.
فقالوا له: ألسنا في فتنة؟
فقال: هذه فتنة خاصة، فإذا وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل.[3]
وقد دلت هذه الحادثة على أن فقهاء بغداد من أهل السنة كانوا يرون الخروج، لولا رفض أحمد بن حنبل.
وقد كان أحمد بن نصر الخزاعي – الإمام الشهيد [4] – قد أعد العدة، وبايعه الناس سرًّا على خلع الواثق، والأمر بالمعروف سنة 231هـ، فظفروا به، وامتحنه الواثق في خلق القرآن فلم يجبه، فأمر به وصُلب، فكان أحمد بن حنبل يقول عنه ( رحمه الله ! لقد جاد بنفسه).[5]
وقال عنه الذهبي: كان أحمد بن نصر أمارًا بالمعروف قوالا بالحق).[6]
انتهى كلامي من كتاب الحرية في الاحتجاج بالإمام أحمد ومواجهته لظلم السلطة وانحرافها بشكل سلمي!
وكذا ذكرت في كتاب (الحرية أو الطوفان) قول الإمام أحمد في شروط عقد البيعة فقلت (فقد ذهب فريق إلى أن عقد البيعة لا ينعقد بطريق الاختيار إلا بإجماع الأمة كلها، وهي رواية عن الإمام أحمد بن حنبل؛ فقد سئل عن حديث (من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية)؟ فقال أحمد (أتدري ما الإمام؟ الإمام الذي يجمع عليه المسلمون كلهم يقول: هذا إمام. فهذا معناه).[7]
وقلت أيضا (وقد رجح أبو يعلى الحنبلي وشيخ الإسلام ابن تيمية وإمام الحرمين الجويني المذهب الثالث الذين اشترطوا رضا الأغلبية وجمهور أهل الحل والعقد، وقد عزاه أبو يعلى رواية عن الإمام أحمد بن حنبل). [8]
وقلت عن الخلاف بين الفقهاء في شرعية الوصول للسلطة بالقوة (فقد رُوي عن أحمد بن حنبل روايتان: رواية أن من استولى عليها بالقوة واجتمع عليه الناس فإنه يكون إمامًا بذلك، فاشترط الاجتماع واستقرار الأمر له.
والرواية الثانية: أنه لا يكون إمامًا بالاستيلاء، وأن الإمامة لا تنعقد إلا بالبيعة أو الاستخلاف، وقد رجحها بعض أئمة المذهب).[9]
كما قلت عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحركته الإصلاحية ودورها في التجديد (لقد نجح الشيخ في تجديد الخطاب السياسي الشرعي في بعض جوانبه؛ كضرورة إقامة الدولة ليقوم الدين، ووجوب قيام الأمة بما أوجب الله عليها عند تخلي الإمام عنها أو عجزه عن القيام بها، إلا أن التجديد وقف عند ذلك بعد قيام الدولة في نجد سنة 1158هـ ... لقد عاد الخطاب السياسي الشرعي بعد قيام الدولة الإسلامية الجديدة في نجد إلى مفاهيم الخطاب السياسي المؤول، كما تقرر في كتب الأحكام السلطانية؛ كمشروعية العهد بالأمر إلى الأبناء كما كان عليه الحال في عصر بني أمية وبني العباس، دون جعل الأمر شورى بين المسلمين، كما كان عليه الحال في عصر الخلفاء الراشدين).
وقلت أيضا (فلم تحقق دعوة جمال الدين الإصلاحية ما حققته دعوة محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية؛ إذ أدرك الشيخ محمد أن المشروع الإصلاحي لا يمكن أن يرى النور إلا عن طريق دولة تقوم من أجل هذا المشروع، فاستطاع تجديد الخطاب السياسي الشرعي لما قبل قيام الدولة، إلا أنه بعد قيامها وسيطرتها على عامة الجزيرة العربية توقف التجديد، وتم بعث الخطاب السياسي الشرعي المؤول كما جاء في كتب الأحكام السلطانية، فنجح في إقامة الدولة وبعث الروح الإسلامية من جديد وتجديد معالم التوحيد، إلا أن ذلك لم يواكبه تجديد فقهي، فكانت الدولة في فقهها على مذهب أحمد بن حنبل، وفي إدارتها لشئونها السياسة على ما جاء في كتاب الأحكام السلطانية لأبي يعلى الحنبلي، الذي كان نموذجًا – ككتب الأحكام السلطانية عمومًا - للخطاب السياسي الشرعي المؤول، الذي كان نتاج العصر العباسي وظروفه الخاصة به.
لقد كان الشيخ محمد عبقريًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى؛ إذ استطاع أن يحقق ما لم يستطع تحقيقه المصلحون منذ أواخر العصر العباسي إلى عصره، كما لم يستطع أحد بعده تحقيق ما حققه هو، ويمكن عزو أسباب عدم التجديد في الخطاب السياسي الشرعي بعد قيام الدولة إلى عدم حاجة المجتمع إلى مثل هذا التجديد آنذاك، بل كانت حاجته إلى إصلاح العقائد، وإقامة الشرائع، وتحقيق الأمن والعدل، فهذا كل ما كان يحتاجه أهل الجزيرة العربية في عصره).
فهذه بعض الفقرات من كتاب (الحرية أو الطوفان) تؤكد بطلان كل ما ادعاه السقاف في هذه الشبهة التي حاول فيها إيهام القراء بأن د حاكم يتهم كل علماء الأمة وفقهائها بالترويج للخطاب السياسي المؤول طوال مرحلة الخطاب التي دامت أكثر من ألف وثلاثمئة سنة، وأن كل ما قالوه هو تبرير للواقع أكثر منه تعبيرا عن حكم الشارع!
لقد ذكرت كلام الأئمة كأبي حنيفة ومالك وابن أبي ذئب والأوزاعي والثوري وأحمد وغيرهم، وذكرت آراءهم التي تؤكد أصول الخطاب السياسي المنزل وتدعو إليه – مع عدم عصمتهم في كل اجتهاداتهم – كما ذكرت دورهم في التصدي للظلم ورفضهم للخطاب المؤول ودعوتهم الخلفاء للزوم سنن الخلافة الراشدة... الخ
فجاء السقاف بعد ذلك ليوهم القراء بأني اتهم كل علماء الأمة بالابتداع والتأويل وعدم التجديد، وأخذ ينوح ويلطم على الحسن البصري العابد الزاهد الذي تجرأ عليه حاكم المطيري وانتقص من قدره لمجرد أنه أشار – مجرد إشارة عابرة - إلى عدم صحة رأيه بأن القوة لا تستطيع تغيير السلطة، وهو ما أثبت العباسيون بطلانه حين نجحوا في الوصول إلى الخلافة بالثورة المسلحة على بني أمية!
ولا يظنن واهم أن السقاف ومن أعانوه على إعداد هذه الدراسة المشبوهة كان همهم فعلا الحسن البصري (العابد الزاهد) أو الإمام المبجل أحمد بن حنبل (الصابر في المحنة الثابت في الفتنة)، وإنما همهم الحيلولة دون قيام الأمة بتغيير هذا الواقع الذي بدأت الثورة العربية تعصف به - والذي فرضه العدو منذ احتلال المنطقة وإلى اليوم - بذريعة الاقتداء بالإمام المبجل أحمد بن حنبل (الصابر في المحنة الثابت في الفتنة)، فلا يغتر الشباب بدعاة الفتن والثورات كحاكم المطيري! فلهم بأئمة السلف قدوة حسنة في صبرهم في المحن وثباتهم في الفتن، التي تطيش فيها عقول الشباب الثائر، وتثبت أمامها عقول شيوخ الحكمة والأناة ودعاة (فقه الواقع)!
ليتحكم الاحتلال البريطاني ثم الأمريكي في جزيرة العرب منذ مئة عام وإلى اليوم بمثل هذا الخطاب القادياني الممسوخ، الذي يجعل من (السنة) وجوب الصبر على الاحتلال الصليبي وقواعده العسكرية بدعوى طاعة ولاة الأمر، ويجعل من (السلفية) وجوب الصبر على الطغاة وجرائمهم - وبيعهم لشعوبهم في سوق النخاسة الدولية - بدعوى تجنب الفتن، ليحل بالأمة في ظل هذا الخطاب ما حل بها من هوان وذل وقتل، لا يصبر على مثله الهندوس ولا البوذيون ولا المسيحيون الذين لا يعرفون في دينهم الجهاد ولا يوجبونه، ومع ذلك لا يقبلون هذا العار بفطرهم وعقولهم ولا يطيقونه، بينما يحتمله دعاة (فقه الواقع) و(طاعة ولي الأمر)، ويجعلونه دينا وحكمة وتؤدة، حتى تنقضي الأعمار ويقضي الاحتلال نهمه من الأمة ودينها وثروتها، فيخرج البريطانيون بعد مئة عام لم ترق لهم قطرة دم بعد أن استنزفوا ثروات الأمة في أكبر قرصنة عرفها العالم، وليسلموا المنطقة وعهدتها للوارث الجديد، وليحل محلهم الأمريكيون منذ الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم، حتى ملوا من إدارة المنطقة، وتفاهموا مع الإيرانيين لإدارتها نيابة عنهم في العراق والخليج، وما زال أصحاب (وجاء دور المجوس) كما هم ومنذ ثلاثين سنة يتخندقون في خندق ولاة أمرهم مع تظاهرهم بالخلاف معهم! حتى اخترق المنطقة المجوس وهم جلوس!
كما حاول السقاف إيهام القراء بأن تقسيم الخطاب السياسي الشرعي إلى المنزل والمؤول والمبدل من اختراع د حاكم الذي يتهم علماء الأمة بالتبديل كل هذه القرون؟!
بينما سبق إلى تقسيم الخطاب إلى ثلاثة أقسام شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال (ولفظ الشرع يقال في عرف الناس على ثلاثة معان: " الشرع المنزل " وهو ما جاء به الرسول وهذا يجب اتباعه ومن خالفه وجبت عقوبته. والثاني " الشرع المؤول " وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه. فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب ولا يحرم، وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به ولا يمنع عموم الناس منه . والثالث " الشرع المبدل " وهو الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو على الناس بشهادات الزور ونحوها والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع).[10]
وقال أيضا (قد وقع فيه التفريط من بعض ولاة الأمور والعدوان من بعضهم ما أوجب الجهل بالحق والظلم للخلق وصار لفظ " الشرع " غير مطابق لمسماه الأصلي؛ بل لفظ الشرع في هذه الأزمنة، ثلاثة أقسام: " أحدها " الشرع المنزل وهو الكتاب والسنة واتباعه واجب من خرج عنه وجب قتله، ويدخل فيه أصول الدين وفروعه؛ وسياسة الأمراء وولاة المال وحكم الحكام ومشيخة الشيوخ وغير ذلك، فليس لأحد من الأولين والآخرين خروج عن طاعة الله ورسوله.
و"الثاني" الشرع المؤول وهو موارد النزاع والاجتهاد بين الأمة فمن أخذ فيما يسوغ فيه الاجتهاد أقر عليه، ولم تجب على جميع الخلق موافقته إلا بحجة لا مرد لها من الكتاب والسنة.
و "الثالث" الشرع المبدل مثل ما يثبت من شهادات الزور أو يحكم فيه بالجهل والظلم بغير العدل والحق حكما بغير ما أنزل الله أو يؤمر فيه بإقرار باطل لإضاعة حق).[11]
وهذا التقسيم الذي قسمه ابن تيمية للشرع أعم من التقسيم الذي قصرته أنا على الخطاب السياسي الشرعي وحده، وحددته بمراحل زمانية محددة، بينما تقسيم شيخ الإسلام يعم كل مرحلة وكل خطاب سواء السياسي أو الفقهي، وعليه فكل اجتهادات الفقهاء منذ عهد الصحابة ومن بعدهم بما فيهم الأئمة الأربعة تدخل في القسم الثاني وهو الشرع المؤول!
فما هو موقف السقاف من هذا التقسيم وهل سيرمي ابن تيمية بما رماني به!
وما زلنا مع السقاف وكتاب الحرية وللحديث بقية!
[1] تاريخ بغداد 14/342 و346 ، والسير للذهبي 9/362 و364.
[2] انظر قصة المحنة في سير الأعلام 11/232.
[3] انظر السنة للخلال ص 132 – 133.
[4] سير أعلام 11/166 كذا وصفه المؤرخ الذهبي.
[5] سير الأعلام 11/168.
[6] سير الأعلام 11/166.
[7] الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص23، ومنهاج السنة 1/112.
[8] الأحكام السلطانية ص 23.
[9] انظر حاشية المقنع 4/147 لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وأيضًا الأحكام السلطانية لأبي يعلى الحنبلي ص 23، والإنصاف للمرداوي 10/310.
[10] مجموع الفتاوى - (3 / 268)
[11] مجموع الفتاوى - (35 / 395)