التوحيد الخليجي وفتنة كورونا!
6 شعبان 1441
31 مارس 2020
كان علماء الخليج ودعاته وجماعاتهم الإسلامية
أكثر من يتحدث عن أهمية الإيمان بالله وتوحيده بالعبادة والطاعة والتوكل عليه وحده
فلما استخف بهم الدجال في فتنة كورونا بإعلامه وأقلامه وأجلب عليهم بخيله ورجله فإذا
هم يخشونه كخشية الله! فهجروا مساجدهم وأفتوا بإغلاقها طاعة لحكوماتهم! وعطلوا شعائر
دينهم وأشركوا بالأسباب المادية! وإذا الطاعة والموالاة حصرا لدولهم! والتوكل كله على
حكوماتهم! ليس لله من ذلك شيء!
ولم يفرح الشيطان وحزبه والدجال وأولياؤه في جزيرة
العرب منذ ظهور الإسلام كما فرحوا بإغلاق المساجد وتعطيل الجمع والجماعات فيها مدة
شهر كامل فرارا عن الله من أقداره بدلا من الفرار إليه لدفعها ﴿ففروا إلى الله﴾!
ففتنوا العامة بتوحيدهم الممسوخ الذي انتهى بهم
إلى خواء روحي وإيمان مطلق بالمادة بدعوى الأخذ بالأسباب ولو بترك فرائض الدين وشعائره
الظاهرة بشكل جماعي بلا عذر شرعي!
هذا مع أن الأسباب المادية الطبية لم تغن عن
أوربا وأمريكا شيئا بعد أن فتك بها الوباء
ولم يضر فقدها الأمم الفقيرة شيئا إذ ما تزال النسبة فيها أقل من الدول القوية
الغنية! ورجع الأمر كله لله وأقداره النافذة في الخلق بأسبابها الظاهرة والخفية!
ولم تحلم العلمانية المتطرفة يوما ما ولم يخطر
ببالها ولم يعبر بخيالها أن تصبح مساجد التوحيد في جزيرة العرب خاوية من روادها لتتحول
من بيوت لله موقوفة لعبادته وحده إلى مؤسسات مدنية تخضع في فتحها وإغلاقها وتعطيل عباداتها
لسلطة الدولة التقديرية ومراعاة المصلحة العامة وما يقرره الأطباء الماديون في شأن
إغلاقها خوفا من العدوى! بينما تظل كنائس التثليث فيها ومعابد الوثنية مفتوحة بموجب
معاهدات الحريات الدينية!
لقد قطع مشروع ترامب شوطا كبير في سلخ جزيرة
العرب اليوم من دينها وفق مشروع الحملة الصليبية وتوصيات راند! وصارت شعوبها ترى ذلك
واقعا مشاهدا بالإباحية والإلحاد المسموح له رسميا! فليس هناك أوهام ولا نظرية مؤامرة
إلا عند من طمس الله على قلوبهم!
لقد روجوا لضرورة إغلاق المساجد في الخليج وجزيرة
العرب كلها - وفي مناطق لا وجود للوباء فيها - خشية الفايروس الذي لم تسجل حتى الآن
- وبعد شهر من تعطيل الجمع والجماعات في نحو أربعين ألف مسجد - حالة وفاة واحدة بين
السكان بسبب كورونا!
ولم يقتصر دعاة الفتنة على ذلك حتى صار كثير منهم
دعاة للإلحاد بالله وتعطيل أحكامه الشرعية والقدرية ووعده ووعيده لمن خالف أمره ونهيه
وتعطيل إرادته في خلقه رحمة أو عذابا! وأن حدوث الوباء لا علاقة له بالغيب ولا يدل
على إرادة لله فيما يقع لعباده من خير وشر مع توافر النصوص القطعية القرآنية على الدلالة
على ذلك كما قال تعالى ﴿فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم﴾ وقوله
﴿قل فلم يعذبكم بذنوبكم﴾ في الدنيا وقوله ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾
بل تعمكم في الدنيا!
وقوله تعالى ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت
أيديكم ويعفو عن كثير﴾!
ونسوا قول الله ﴿وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء
الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم﴾ فالله يعذبهم في الحياة الدنيا بسبب ذنوبهم! وصيغة
الفعل المضارع ﴿يعذبكم﴾ تفيد الحدوث والتجدد المشاهد!
وقال للمؤمنين ﴿ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب
من يعمل سوءا يجز به﴾ في الدنيا والآخرة!
وصرفوا الناس عن التوبة والاستعانة بالله بدعوى
الأخذ بأسباب العلم والطب! وكأن أقدار الله لا تدفع بأسباب إيمانية غيبية هي أوجب في
الإسلام من الأسباب الحسية المادية المشروعة للعلاج - فضلا عن الأسباب غير المشروعة
كإغلاق المساجد - ونسوا قول الله:
﴿لما آمنوا كشفنا عنهم﴾
﴿استعينوا بالصبر والصلاة﴾
﴿أدعوني أستجب لكم﴾
﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾
﴿إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا﴾
﴿وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين﴾!
ونسوا أن من رحمة الله بعباده أنه سبحانه هو الذي
يميت ويحيي ويُمرض ويشفي ويُسعد وُيشقي وُيضحك ويُبكي ﴿وأنه هو أضحك وأبكى . وأنه هو
أمات وأحيا﴾ ﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾!
ولولا ذلك لكان الأغنياء والأقوياء أسعد حظا
بالصحة والسعادة والحياة من الفقراء والضعفاء بينما هم في ذلك كله شركاء على حد سواء
وصدق رسول الله (أبغوني ضعفاءكم هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم)!
هب أنك أعمى أفلا تعقل!
هب أنكم لم تسمعوا بوجود الحملة الصليبية في الجزيرة
العربية!
ولا ترون قواعدها العسكرية وجيوشها التي تحتل
كل بلدانها وتحيط بها من أطرافها؟
وهب أنه لم تصلكم أنباء إقامة بابا روما قداسه
على أرضها وفتح المعابد الوثنية والبوذية والهندوسية فيها!
وهب أنكم لم تعلموا شيئا عن مشروع تغريبها وتهويدها
وسلخ شعوبها من دينها!
ولم تسمعوا عن نشر الإباحية والإلحاد بكل وسائل
الإعلام والتعليم مما رآه الأعمى وسمع به الأصم!
وهب أنكم لم تقرأوا تقرير راند ولم تطلعوا على
ما اشترطته إدارة ترامب والإدارات الأمريكية قبلها تحت شعار مكافحة التطرف في المساجد!
وهب أنكم لا تدركون مآلات ذلك كله والغاية منه!
فأين وجدتم في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ وكلام أحد من علماء الأمة مدة ١٤٤٠ عاما من تاريخ الإسلام
أن للدول الحق في إغلاق المساجد وتعطيل الجُمع والجماعات للمصلحة؟ وأن لها الحق في
تجريم من خالف ذلك وعقابه؟ وأن لها ولاية على المساجد بالمنع منها وإغلاقها أوقات الفريضة
لحفظ الصحة؟ وأن هناك شروطا اشترطها أحد من فقهاء الأمة لمن أراد إغلاق المساجد؟
من سبقكم إلى هذه البدعة الشيطانية التي لم يسمع
بمثلها حتى في عصر القرامطة!